منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٨
ثقة عن شخص توثيقا للمروي عنه، وهذا بمكان من الوهن والسقوط، لما نشاهده كثيرا من رواية الثقات عن الضعاف، وإن أريد اعتبار هذه الرواية بالخصوص، لقرائن تدل على صحتها، ففيه: أنه مجرد احتمال لم يقم عليه برهان، فلم يثبت كون نقل ابن المغيرة عن أبي الجارود على وجه الاعتماد حتى يدل إنا على وجود قرائن الصدق، ولا أقل من الشك في ذلك، وهو كاف في عدم الحجية، كما لا يخفى.
فالمتحصل: قصور رواية أبي الجارود سندا ودلالة عن الاعتبار، فلا مجال للاستدلال بها على صحة الوقوف مع العامة، والله العالم.
ومنها: النبويات الامرة بالحج في الزمان الذي يحج فيه الناس، تقريب الاستدلال بها: أن ظاهرها تنزيل الوقت الذي يحج فيه الناس منزلة الوقت المجعول للحج بحسب التشريع الأولي، ومقتضى إطلاق التنزيل هو ترتيب جميع الآثار الشرعية الثابتة للمنزل عليه على المنزل التي منها شرطية اليوم الذي يقفون فيه للوقوف، كشرطية يوم عرفة له، فلا محيص حينئذ عن الاجزاء.
فدعوى: أن ظاهرها كون وقت الحج هو الزمان الذي تداول فيه الحج أعني يوم عرفة، وذلك أجنبي عما نحن بصدده من كون الوقوف في غير يوم عرفة مع العامة تقية مجزيا غير مسموعة:
أولا: بأنه لا يصح التعبير عن الواقع بما لا يكون مصيبا إليه غالبا، بداهة مخالفتهم له كثيرا بعد بنائهم على اعتماد قاضيهم على شهادة الفاقد لشرائط قبول الشهادة، وكون ثبوت الهلال عندهم على غير الوجه المشروع عندنا، ولا أقل من مخالفته للاستصحاب.
وثانيا: بعدم الحاجة إلى هذا النحو من البيان بعد تعيين زمان الحج بالنصوص البيانية القولية والفعلية.