منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥١٢
مذكورة في محلها.
الامر الثالث: أنه لا يعقل الترتب بين المتزاحمين الطوليين، بمعنى:
تعاقبهما في الامتثال، كالقيام الواجب في الركعتين، فلا يصح أن يقال:
(إن عصيت وجوب القيام في الركعة الثانية، فقم في الركعة الأولى)، و ذلك لأنه مع أهمية القيام في الركعة الثانية لا يعصى هذا الخطاب إلا بعد مجئ زمان امتثاله، فصرف الزمان في الركعة الأولى ليس عصيانا لخطاب الأهم، لأنه خطاب مستقل قد امتثل في زمان لا بد منه في امتثاله. نعم هو عصيان لخطابه المتمم الحافظ له من باب المقدمة المفوتة، وهو وجوب حفظ القدرة بعدم صرف الزمان في الركعة الأولى، وهذا الوجوب موجود حين الشروع في الصلاة، وبعصيانه - أعني به عدم حفظ القدرة - لا يمكن تصحيح الركعة الأولى بالترتب، لأنه حين العصيان إما يصرف القدرة في قيام الركعة الأولى، و إما يصرفها في غيره، كحمل ثقيل من مكان إلى آخر.
ومن المعلوم: أنه على الأول يلزم طلب تحصيل الحاصل، لأنه بمنزلة قوله:
(إن عصيت خطاب احفظ القدرة بالقيام في الركعة الأولى، فقم فيها)، فيصير متعلق خطاب المهم - وهو القيام في الركعة الأولى - موضوعا لنفس هذا الخطاب. نظير أن يقال: (إن صليت، فصل).
والحاصل: أن وجه امتناع الترتب حينئذ هو لزوم طلب الحاصل، و صيرورة وجود متعلق الخطاب شرطا لنفس الخطاب.
وعلى الثاني - وهو: صرف القدرة في غير الركعة الأولى، كحمل ثقيل - يلزم سقوط كلا الخطابين، وهما: الأهم والمهم، لعدم القدرة على شئ منهما.
فالترتب لا يعقل في الخطابين المتزاحمين اللذين يكون زمان امتثال أحدهما