منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٢٣
الأول: أنه قد يتوهم التنافي بين النزاع في تعلق الأوامر والنواهي بالطبائع أو الافراد، وبين ما ثبت في محله: من كون المصادر المجردة عن اللام والتنوين موضوعة للطبيعة اللا بشرطية.
وجه المنافاة: أن التسالم على وضع تلك المصادر للطبيعة يستلزم كون متعلق الأوامر والنواهي نفس الطبائع، حيث إن ذلك مقتضى وضع موادها - وهي المصادر - للطبائع، فلا وجه للترديد بين تعلقها بالطبائع أو الافراد، هذا.
لكن يمكن دفع التنافي ب: أن إرادة الافراد - على القول بتعلق الاحكام بها - إنما هي بالقرينة، وهي: كون الامر طلب إيجاد الطبيعة، و من المعلوم: امتناع إيجاد شئ بدون لوازم الوجود التي لا تنفك عن الفرد، فإن الشئ ما لم يتشخص لم يوجد، فإرادة الفرد إنما تكون بهذه القرينة، فتدبر.
الثاني: أن المراد بالطبيعة في هذا البحث ليس نفسها بما هي هي، لأنها لا تصلح لان يتعلق بها أمر ولا نهي، ضرورة أن الملاكات الداعية إلى التشريع لا تقوم بها حتى يتعلق بها الاحكام التابعة للملاكات، بل تقوم بوجود الطبائع، فالمطلوب هو نفس الوجود السعي للطبيعة بما هو وجود، لا بما هو فرد، فلوازم الوجود المقومة لفردية الفرد خارجة عن حيز الطلب، ولذا لا تصح نية القربة بها، لعدم تعلق الامر بها وإن كانت من لوازم المطلوب.
ومن هنا يظهر: المراد بالفرد أيضا، لأنه لوازم الوجود التي تقع في حيز الطلب، ويصح قصد التقرب بها، لوقوعها في حيزه، ولا يلزم من نية التقرب بها تشريع، كما يلزم ذلك - بناء على القول بتعلق الحكم بالطبيعة -، كما لا يخفى.
الثالث: أن ثمرة هذه المسألة هي: صغرويتها لكبرى التزاحم - بناء على القول بتعلق الاحكام بالطبائع -، ولكبرى التعارض بناء على التعلق بالافراد.
إذ على الأول: يكون متعلق الأمر والنهي متعددا، كالصلاة في مكان مغصوب،