منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٥٠٩
فمع التمكن منه - ولو بعصيان خطاب آخر - يصير خطاب الوضوء فعليا، إذ القدرة المعتبرة في الوضوء ونحوه من المركبات تدريجية تحصل بالاغتراف تدريجا، فكأنه قيل: (إن عصيت حرمة التصرف في المغصوب وآنية الذهب أو الفضة، فتوضأ) وهكذا يقال له في كل غرفة.
وبالجملة: ففرع الوضوء مترتب على الترتب في بعض الصور، لا مطلقا.
وأما غيره من الفروع المتقدمة، فلا يترتب على الترتب أصلا. فلا يصح جعلها برهانا إنيا على وقوع الترتب. لكن في البرهاني اللمي المتقدم غنى وكفاية.
ثم إن هنا أمورا ينبغي التنبيه عليها.
الأول: أنه قد نسب إلى جماعة من المحققين كشيخنا الأعظم الأنصاري وتلميذه المحقق السيد الشيرازي، وغيرهما قدس الله تعالى أسرارهم: عدم صحة الوضوء في موارد وجوبالتيمم، بدعوى: أن القدرة دخيلة في ملاك الوضوء استنادا إلى قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا) (النساء الآية 43 - المائدة الآية 6). بناء على إرادة عدم التمكن من عدم الوجدان، ومع فقدان الملاك لا خطاب بالوضوء أيضا، فلا مورد هنا للترتب حتى يصح به الوضوء، بأن يقال:
إن وجوبه مترتب على عصيان وجوبالتيمم، فلا خطاب ولا ملاك للوضوء حتى يمكن تصحيحه بهما، أو بأحدهما، هذا.
ولكن فيه ما لا يخفى، إذ جعل قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء) بمعنى:
عدم التمكن تأويل بلا شاهد، بل الآية المباركة قد دلت على حكم فقدان الماء، والروايات قد تضمنت ارتفاع وجوبالوضوء في موارد الحرج، والخوف ونحوهما، وقد قرر في محله: أن الاحكام الامتنانية لا ترفع إلا الالزام، وأما المصلحة، فهي باقية على حالها.
وعليه: فمن تحمل المشقة والحرج وتوضأ صح وضوؤه بلا إشكال، لفرض وجود