منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٤٨٤
العامة والخاصة المأخوذة في موضوع الخطاب حتى تكون مثلها في الدخل في الملاك أيضا كي ينتفي الملاك بانتفائها، كانتفاء الخطاب به. والمفروض: أن وزان القدرة ليس وزان تلك الشرائط، و إنما هي من شرائط حسن الخطاب فقط، فلا تكون دخيلة في الملاك حتى ينتفي بانتفائها، كانتفاء نفس الخطاب به، سواء أكان الحاكم بدخل القدرة في حسن الخطاب هو العقل بمناط قبح مطالبة العاجز، أم الطلب.
بتقريب: أن الطلب بنفسه يقتضي اعتبار القدرة على متعلقه، لان الغرض من الامر إحداث الداعي في نفس المكلف لايجاد متعلقه، حيث إن الملاك قائم به، فلا يستوفي إلا بالاتيان بمتعلق الطلب، فلو لم يكن مقدورا لم يتعلق به الامر، فاعتبار القدرة على المتعلق مما يقتضيه نفس الخطاب، فتضيق دائرة المتعلق، وتقيد بالمقدور، فلا مصحح للخطاب في غيره، إذ لا إطلاق لمتعلقه حتى يتعلق به في غير حال القدرة أيضا، وذلك لان حكم العقل بقبح مطالبة العاجز لا يقتضي إلا سقوط الطلب عند العجز، حيث إن القبح ناش عن الطلب، لا عن مجرد وجود الملاك ولو مع عدم مطالبته، ضرورة أن وجود الملاك غير المطالب لا يوجب قبحا أصلا.
فإطلاق المتعلق لاطلاق وجود الملاك في كلتا صورتي القدرة على المتعلق وعدمها محكم، إذ لا مقيد له، هذا.
وكذا الحال إذا كان الحاكم باعتبار القدرة نفس الطلب، وذلك لان القيد الناشئ عن الطلب يمتنع أن يكون دخيلا في متعلقه، لتأخره عن المتعلق برتبتين:
إحداهما: تأخره عن الطلب.
وثانيتهما: تأخر الطلب عن متعلقه تأخر المعلول عن علته، فيستحيل دخله في المتعلق الذي يقوم به الملاك، فإطلاق المادة ثابت بلا إشكال، فالملاك في الفرد المزاحم موجود، كوجوده في الافراد غير المزاحمة.