منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٣٧٣
الداعي إلى الداعي [1] غاية الامر (1): يعتبر فيها (2) كغيرها (3) أن يكون
____________________
(1) إشارة إلى الاشكال الثاني، وأنه لا دافع له، فلا يجوز لشخص أن يأخذ الأجرة لاتيان فرائضه اليومية، إذ لا يعود نفع إلى المستأجر الباذل للأجرة. نعم لا بأس بأخذ الأجرة لأداء ما فات عن الميت من الفرائض، إذ لا يلزم منه هذان الاشكالان.
أما الأول، فلما عرفت من عدم كون الأجرة بإزاء نفس العمل حتى تنافي قصد القربة، وإنما هي لاحداث الداعي إلى إيجاد العمل بداعي أمره.
وأما الثاني، فلفراغ ذمة الميت بفعل الأجير، فشرط صحة الإجارة - و هو عود نفع إلى المستأجر - موجود هنا.
(2) هذا الضمير وضميرا - كغيرها - و- فيها - راجعة إلى الواجبات التعبدية.
(3) من المباحات والمستحبات.

[1] يمكن الاشكال عليه تارة: بكون أخذ الأجرة داعيا إلى ذات الفعل، لان الداعي إلى مركب أو مقيد لا محالة يكون داعيا إلى كل جز من أجزأ المركب، وإلى القيد، وذات المقيد من المقيد، فيكون أخذ الأجرة داعيا إلى ذات المقيد وهو نفس الفعل، وإلى قيده. فلذات الفعل داعيان: أخذ الأجرة، والامر، فلا يقع ذات الفعل بدون داعوية الأجرة، ومن المعلوم: منافاته لدعوة الامر. وأخرى: بأنه يعتبر في عبادية العبادة كون قصد القربة علة تامة لايجادها، حتى يكون العمل عبادة، و الاتيان بها إطاعة، فإذا كانت سببية الامر للإطاعة منوطة بالأجرة لما كان قصد الامر علة تامة للفعل، بل علة ناقصة له، وهذا مناف للتقرب المعتبر في العبادة.
وإن شئت فقل: إنه يعتبر أن يكون الامر مطلقا داعيا إلى الفعل، لا مقيدا بشئ كبذل الأجرة، لان الامر حينئذ ليس علة تامة للإطاعة، إذ المفروض دخل الأجرة في الامتثال، وداعوية الامر المتعلق بالعبادة، فلا يستحق به على الشارع الامر به جزأ، لأنه نظير ما لو أمر زيد عمرا بإطاعة بكر، فإن إطاعته لا توجب استحقاق عمرو جزأ على بكر، لأنه لم يطعه، بل أطاع زيدا.
(٣٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 378 ... » »»
الفهرست