منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٢ - الصفحة ٢٨٧
الوجوب لم يكن بحكم العقل إلا لأجل المقدمية والتوقف، وعدم دخل قصد التوصل فيه واضح (1)، ولذا (2) اعترف (3) بالاجتزاء بما لم يقصد به ذلك (4)
____________________
ومحصل الرد: أن اعتبار كل قيد يتوقف على دخله في الغرض الداعي إلى التشريع، فبدون دخله فيه لا وجه لجعله قيدا، ومن المعلوم: أن الغرض من وجوب المقدمة في نظر العقل الحاكم بالملازمة بين وجوب المقدمة وذيها هو التمكن من الاتيان بالواجب، إذ المفروض توقف وجود الواجب ذاتا، أو وصفا على المقدمة، ومن الواضح: أن هذا التمكن يتحقق من دون دخل لقصد التوصل إلى ذي المقدمة في التوقف والمقدمية أصلا، ولذا اعترف القائل باعتبار القصد المزبور بالاكتفاء بالمقدمة التي يؤتى بها بدون القصد المذكور، وبسقوط الامر الغيري بذلك، وهذا كاشف عن كون متعلق الوجوب الغيري ذات المقدمة بما هي، لا بوصف قصد التوصل بها إلى ذيها. فدخل اعتبار هذا القصد فيه خال عن الوجه، لما عرفت من: أن ملاك الوجوب هو التوقف، ومن المعلوم: أن الموقوف عليه ذات المقدمة كالوضوء، فإنه بذاته مقدمة من دون دخل لقصد التوصل فيه.
(1) للزوم الدور لو كان القصد دخيلا فيه، تقريبه: أن قصد التوصل موقوف على المقدمية، إذ لا معنى لقصد التوصل بغير المقدمة، فلو توقفت المقدمية على القصد المزبور كان دورا.
(2) يعني: ولأجل عدم دخل قصد التوصل في التوقف والمقدمية.
(3) أي: في التقريرات، حيث قال: (وتحقيق المقام هو: أنه لا إشكال في أن الامر الغيري لا يستلزم امتثالا)، إلى أن قال: (وقضية ذلك هو قيام ذات الواجب مقامه)، إلى أن قال: (إنما الاشكال في أن المقدمة إذا كانت من الأعمال العبادية التي يجب وقوعها على قصد القربة) إلى أن قال: (فهل يصح في وقوعها على جهة الوجوب أن لا يكون الآتي بها قاصدا للاتيان بذيها. إلخ). ثم إن هذا الاعتراف يؤيد ما تقدم من كون قصد التوصل دخيلا في عبادية الواجب الغيري.
(4) أي: التوصل إلى ذي المقدمة.
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»
الفهرست