منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٢٥
شفاء من كل داء) وماء نيل مصر الذي ورد فيه (أنه يميت القلب)، بل هذا الاختلاف موجود في النباتات أيضا، فلا غرو في كون الجمادات التي لا تحس ولا تشعر مقتضية للسعادة والشقاوة كاقتضائها لغيرهما كدفع الأسقام، فجعل اختلاف الطينات كاشفا عما اختاروه في عالم العهد لا مؤثرا كما ترى. لكن من المعلوم: أن مجرد المقتضي لا يوجب الجبر، وإنما ذلك شأن العلة التامة، وقد عرفت أن ما يكون من الاخبار ظاهرا في ذلك لا بد من صرفه عن ظاهره بحكم العقل والآيات والروايات المتجاوزة عن حد التواتر - كما قيل - الظاهرة أو الصريحة في نفي الالجاء وأما الآيات التي توهم دلالتها على الاضطرار فكثيرة، ولا نتعرض لها تفصيلا، خوفا من الإطالة في البحث الاستطرادي، إلا أنه لا بأس بالإشارة إليها، فنقول:
إنها على طوائف:
الأولى: ما ظاهره الاضطرار مع الاقتران بالقرائن السابقة واللاحقة على خلافه، كقوله تعالى: (ان الذين كفروا سواء عليهم أ أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم).
والجواب عنها هو: أنها مختصة بالكفار المتعصبين في الكفر والجحود وعداوتهم للاسلام والمسلمين بمثابة لا ينفعهم الانذار، دون سائر الكفار المنتفعين بالانذار وهداية سيد الأنبياء وأوصيائه الامناء صلوات الله عليهم من الان إلى يوم اللقاء، بل والعلماء الأتقياء، فإن كثيرا من الكفار اهتدوا إلى الاسلام، والطائفة المتعصبة منهم لم تنتفع بهداية وإرشاد وتخويف وإنذار، لعنادهم للحق