منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٨٠
إنشاء الحكم بتمامية موضوعه، وإلا يلزم الخلف والمناقضة، فالانشاء كاشف عن تمامية الموضوع، فإذا أنشأ الحكم قبل العلم به كشف ذلك عن عدم دخل العلم في موضوعه، ولا يمكن إنشاؤه مع العلم به بأن يقال: (المكلف المسافر العالم بوجوب القصر يجب عليه القصر)، حيث إن هذا الانشاء لغو، لان العلم يقتضي إنشاء الحكم قبله حتى يعلم أو يجهل، فلا يصح جعل العلم دخيلا في الموضوع ولو بخطابات عديدة. نعم بناء على تعدد مراتب الحكم كما عليه المصنف (قده) يمكن أن يقال:
إن العلم بالحكم دخيل في فعليته لا في إنشائه، فتدبر. وهذا بخلاف قصد القربة، لان متعلق الامر الأول هو ما عدا قصد القربة من الاجزاء، ومتعلق الامر الثاني هو الاجزاء بقصد القربة، ولما كان المناط في تعدد الحكم ووحدته تعدد الملاك لا تعدد الانشاء كما عرفت آنفا كان الامر الثاني أمرا ضمنيا متعلقا بقصد القربة.
وبالجملة: فقصد القربة مما يمكن اعتباره بالامر الثاني الذي يكون إرشادا إلى شرطية قصد القربة في العبادة، فالغرض القائم بمجموع الاجزاء والشرائط واحد، غاية الامر أنه لا يمكن بيان الكل بأمر واحد، فافترقت القربة عن سائر الأجزاء والشرائط لذلك.
وقد ظهر مما ذكرنا: أن قصد القربة مما يمكن دخله في العبادة شرعا، فمع الشك في اعتباره يصح التمسك بالاطلاق المقامي إذا كان المتكلم في مقام البيان، وإلا فالمرجع أصالة الاشتغال أو البراءة على الخلاف لكونه من صغريات الأقل والأكثر الارتباطيين، لا من صغريات الشك في المحصل بأن يقال: (إن عدم