منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤١٩
يكون علمه تعالى بفعل العبد موجبا للجبر، مثلا علم زيد بمسافرة عمرو باختياره في الغد لا يوجب اضطرار عمرو إلى المسافرة، وكذا الحال في الاعلام، لوضوح أن الاخبار بفعل الغير الصادر عن فاعله بإرادته واختياره لا يرفع الاختيار حتى يلزم الجبر.
وإن كان بمعنى الحكم والامر، فلانه إن أريد بهما الأمر والنهي المصطلحان، فلا يستلزمان الجبر أيضا، وإلا لم يقدر الكفار والفساق على المخالفة. وإن أريد بهما غير الأمر والنهي المصطلحين، فإن كان المراد به الحتم فسيأتي الكلام فيه، وإن كان غيره فلا بد من بيانه والنظر فيه.
وأما الحتم والخلق والفعل وغيرها مما هو ظاهر في الجبر، فالجواب العام عنها هو: أنها محفوفة بالقرينة الصارفة لها عن ظاهرها، و هي حكم العقل بعدم اضطرار العباد إلى أفعالهم وتروكهم. وهذا الحكم العقلي كالقرينة المتصلة اللفظية المانعة عن انعقاد ظهورها فيما يوجب الالجاء والاضطرار من لفظ القضاء.
(المقام الثاني) في روايات العنوان الثاني وهي المشية، والمراد بها عند أهل اللغة والفلسفة هي الإرادة، وقد يفرق بينهما: بأن معناها التقدير إن أسندت إلى الله تعالى، والإرادة إن أسندت إلى العبد، وعلى كل حال، فقد اتفق المسلمون بل أكثر المليين على أنها من صفات الله تعالى شأنه وإن اختلفوا في كونها من الصفات الذاتية كالعلم والقدرة، أو من الصفات الفعلية كالخلق والرزق والاحياء و الإماتة والتكلم، فذهبت الفلاسفة إلى أنها من الصفات الذاتية، لكن الحق