منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤١٤
للمذنب، ولا محمدة للمحسن، ولكان المذنب أولى بالاحسان من المحسن، ولكان المحسن أولى بالعقوبة من المذنب، تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان، وخصماء الرحمن، وحزب الشيطان، وقدرية هذه الأمة ومجوسها، إن الله تبارك وتعالى كلف تخييرا، ونهى تحذيرا، وأعطى على القليل كثيرا، ولم يطع مكرها، ولم يملك مفوضا، ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلا، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثا، وذلك ظن الذين كفروا، فويل للذين كفروا من النار، فإنشاء الشيخ يقول:
أنت الامام الذي نرجو بطاعته يوم النجاة من الرحمن غفرانا أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا جزاك ربك بالاحسان إحسانا تقريب دلالة هذا الخبر على الجبر هو: ظهور قول السائل: (عند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين) في ذلك، حيث إنه - بعد بيان الإمام عليه السلام: (ان مسيرنا إلى أهل الشام كان بقضاء الله تعالى وقدره) - استبعد استحقاق الاجر، ولذا قال عليه الصلاة والسلام له: (مه يا شيخ. إلخ) وكذا قوله: (وكيف لم نكن في شئ من حالاتنا مكرهين ولا إليه مضطرين وكان بالقضاء والقدر مسيرنا إلخ) فإنه كالصريح في اعتقاده الجبر بعد كون مسيرهم بالقضاء والقدر، ولذا أجابه أمير المؤمنين عليه السلام بقوله: (وتظن أنه كان قضاء حتما وقدرا لازما. إلخ) والذي يستفاد منه أمور:
الأول: انقسام القضاء والقدر إلى حتميين وغير حتميين، وأن الموجب للجبر واضطرار العباد في أفعالهم ليس إلا القسم الأول، ثم بين عليه السلام مفاسده