منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٢٨
قبولها، كقوله تعالى في سورة الأنعام الآية ١٥٠: (فلو شاء لهداكم أجمعين) وقد أريدت الهداية بهذا المعنى في جملة من الروايات التي ذكرها في الجز الثالث من البحار في باب الهداية والضلالة، فراجع.
الرابع: إيجاد مقتضيات الخير والعبودية على نحو لا ينافي الاختيار، كتولد العبد في جامعة حاوية للفضيلة وفاقدة للرذيلة، أو من أبوين تقيين، وأمثال ذلك مما له دخل إعدادي في التوجه إلى الخير والطاعة، والتحرز عن الشر والمعصية.
فالجواب: أن المراد من الهداية التي استعملت فيما ظاهره استناد الهداية والضلالة إلى مشيته تعالى هو هذا المعنى الرابع. فقد ظهر إلى هنا فائدتان:
الأولى: وجه الالتئام بين الآيات التي تدل على أنه تعالى هدى الناس جميعا، وبين الآيات التي تدل على أنه تعالى إنما هدى بعضهم دون بعض.
تقريبه: أن المراد بالهداية في الطائفة الأولى هو معناها الثاني أعني الهداية التشريعية، والمراد بها في الطائفة الثانية هو معناها الثالث أعني الهداية الموصلة إلى المطلوب.
الثانية: الجواب عن الآيات الظاهرة في استناد الهداية والضلالة إلى مشيته تعالى.
تقريبه: أنه إذا شاء هداية العبد تعلقت مشيته تعالى بتوجيه مقتضيات الخير وعلله الناقصة المعدة إلى العبد بحيث لا تنافي الاختيار، وإذا شاء ضلالته تعلقت مشيته تعالى بسلب تلك المقتضيات عنه، من دون منافاة بين هذا التعلق واختيار العبد.