منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٢٤
ولا يصدقون، ولا يعلمون شيئا من أعمال البر، ثم قال: أخذ الله طينة شيعتنا وطينة عدونا، فخلطهما وعركهما عرك الأديم، ثم مزجها بالماء، ثم جذب هذه من هذه، فقال: هذه في الجنة ولا أبالي، وهذه في النار ولا أبالي، فما رأيت في المؤمن من دعاوة وسوء الخلق و اكتساب سيئات فمن تلك السبخة التي مازجته من الناصب وما رأيت من حسن خلق الناصب وطلاقة وجهه وحسن بشره وصومه و صلاته فمن تلك السبخة التي أصابته من المؤمن).
ومنها: غير ذلك من الروايات الدالة على تركب الطينة من جزين يقتضي أحدهما السعادة والاخر الشقاوة، ومقتضى هذا التركب كون وصفي السعادة والشقاوة بالنسبة إلى اختيار العبد على حد سواء.
وأما ما يجاب به عن أخبار الطينة (من أنها ليست قابلة لجعل الشقاوة والسعادة، لكونها من الجوامد التي لا تحس ولا تشعر، ومحلهما هو الأرواح، لتوجه التكاليف إليها كما دلت عليه الروايات واختلاف الطينات كاشف عما اختاروه في عالم العهد).
فمرجعه إلى إنكار أخبار الطينة مع كثرتها، ولا منافاة بين توجه التكليف إلى الأرواح وبين كون الطينة مقتضية للسعادة والشقاوة، كاختلاف سائر الطينات فيما لها من الاستعدادات الموجبة لاختلاف الآثار. وكذا المياه، فإن اختلافها بحسب الآثار يشهد بذلك، فراجع البحار وغيرها، ولاحظ الروايات الواردة فيها، مثل ماء الفرات الذي ورد فيه (أن تحنيك الولد به يحببه إلى الولاية) وماء السماء الذي ورد فيه (أنه يدفع الأسقام)، وماء زمزم الذي ورد فيه (أنه