منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٢١
وتعالى ومنتهية إلى مشيته التي هي إعمال قدرته على الايجاد.
ثانيهما: انتهاء الموجود إليه تبارك وتعالى لا بنفسه كالذوات، بل بالاقدار عليه كالأفعال الصادرة من العباد، وهذا الاقدار هو فعله سبحانه على الدوام، كدوام إفاضاته على الموجودات التكوينية، وهذا الاقدار يصحح الانتهاء إلى مشيته جل وعلا، لاستمرار فيضه في جميع آنات الفعل الصادر عن العبد، ومعلوم أن المشية بهذا المعنى لا توجب اضطرار العبد في أفعاله، إذ المفروض أنها ليست إلا إقدار العبد عليها بإفاضة شرائط الفاعلية والعلل الناقصة الاعدادية، فالإطاعة والمعصية منوطتان بالقدرة، ومن المعلوم أنها تفاض منه تعالى شأنه، ويدل عليه ما رواه في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: قال أبو الحسن الرضا عليه السلام: (قال الله: يا بن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا بصيرا قويا) الحديث.
وما رواه الوافي عن الكافي بإسناده عن حفص بن قرط عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من زعم أن الله يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله، ومن زعم أن الخير والشر بغير مشية الله فقد أخرج الله عن سلطانه، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله، ومن كذب على الله أدخله النار)، فإن قوله صلى الله عليه وآله: (ومن زعم أن الخير والشر. إلخ) بيان لتعلق المشية بالخير والشر، يعني: أن القدرة على الخير والشر حدوثا وبقاء قد تعلقت بها المشية كما عليه الامامية، فمتعلق المشية هو