منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٣٥
وفي الثالث - وهو كون مفاهيم أجزاء الجمل بسائط مستقلة في الذهن - أولا: ما مر آنفا من أن القضية الملفوظة كما تحتاج إلى وجود رابط يربط أطرافها، كذلك القضية المعقولة تتوقف على وجود رابط بين أجزائها الذهنية، فالملقي للكلام المفيد يحتاج أولا إلى تصور الأطراف والربط بينها ليتمكن من إلقائه ثانيا. وببيان أوضح: كما أن الماهيات المبهمة اللابشرط المقسمي التي وضعت لها الألفاظ - بناء على المذهب الصحيح الذي اختاره السلطان في وضع أسامي الأجناس - تحتاج إلى حاك يحكي عنها، كذلك الخصوصيات الطارئة عليها كتخصص السير بكونه من البصرة في قوله: (سر من البصرة)، وتقيد الصوم بكونه من الطلوع إلى الغروب في قوله: (صم من الطلوع إلى الغروب) وغير ذلك، فإن الحاكي عن نفس الطبيعة المهملة لا يغني عما يحكى عن خصوصيتها، لعدم دلالته عليها، فكل من الطبيعة وخصوصياتها تحتاج إلى دال يخصها، ولذا نحتاج في إثبات الاطلاق إلى مقدمات الحكمة، إذ المفروض أن اللفظ لا يدل إلا على نفس الطبيعة المهملة المعراة عن كل خصوصية وارتباط. فنتيجة هذا البيان كون مداليل الحروف والهيئات كمداليل الأسماء إخطارية لا إيجادية.
وثانيا: أن إيجادية المعاني الحرفية تستلزم محذورا لم يلتزم به أحد، وهو خروج جميع القيود عن حيز الطلب المنشأ بالهيئة وتوضيحه منوط بتقديم أمرين مسلمين:
أحدهما: أن الطلب لا يتعلق إلا بما يكون مقدما عليه رتبة، لتأخر الحكم عن موضوعه تأخر المعلول عن علته.
ثانيهما أن وحدة رتبة علتين تستلزم وحدة رتبة معلوليهما، إذا عرفت