منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٥١٠
المادة أو الهيئة، وقد عرفت في التعليقة عدم دلالة المادة على ذلك. وأما الهيئة فقد تقدم في المعاني الحرفية أنها موضوعة للنسب و الارتباطات، فهيئة الامر وضعت للنسبة الطلبية وإيقاع المادة على الفاعل، ولا دلالة لها على مرة ولا تكرار ولا فور ولا تراخ.
نعم لا بأس بالنزاع في دلالة صيغة الامر بوضع آخر غير وضع المادة والهيئة على المرة والتكرار، لكن الظاهر أنه مما لم يدعه أحد، مع أن الأصل عدمه، فالحق سقوط هذا البحث من أصله. ويمكن توجيه كلام القدماء المتعرضين لهذا البحث - لبعد خطئهم مع علو مقامهم العلمي - بأن مقصودهم بدلالة الصيغة على المرة أو التكرار هو: أن إطلاق الصيغة هل يقتضي مطلوبية الطبيعة بوجودها الساري في أفرادها أم مطلوبية صرف وجودها؟ وبعبارة أخرى: هل يقتضي إطلاق الصيغة سريان المطلوبية إلى جميع وجودات الطبيعة أم اختصاصها بأول وجودها؟ وهذا المعنى مما يليق بالبحث عنه، لا أن معنى الصيغة هل هو المرة أم التكرار؟ فإن فساده كما عرفت غني عن البيان. لكن التوجيه المزبور بعيد عن ظاهر عبائرهم، حيث إنهم عبروا بالدلالة الظاهرة في كون الموضوع له هو المرة أو التكرار.
وكيف كان فالذي ينبغي أن يقال: إن الطلب يسري إلى جميع أفراد الطبيعة إن كان لمتعلقه موضوع خارجي كوجوب الامر بالمعروف، وحفظ نفس المؤمن، وتجهيز الميت، وغير ذلك مما يكون لمتعلق الطلب موضوع خارجي.
إلا إذا دل من الخارج ما يمنع عن ذلك، ويقتضي مطلوبية صرف الوجود كوجوب الغسلوالوضوء، فإن قاعدة الانحلال وإن كانت مقتضية للتكرار ومطلوبية هذه