منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٢٠
أنها من الصفات الفعلية، لتعلق قدرته تعالى بها، ضرورة أنه جل وعلا قادر على أن يشاء وأن لا يشاء، كما يدل عليه ما رواه في البحار عن المحاسن عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (المشية محدثة)، بخلاف العلم ونفس القدرة، فإنهما ليسا كذلك. و كيف كان، فالروايات الواردة في المشية وان كانت كثيرة جدا، إلا أن في نقل إحداها كفاية، وهي ما رواه في البحار عن المحاسن بإسناده عن أبي جعفر عليه السلام قال: (لا يكون شئ في الأرض ولا في السماء إلا بهذه الخصال السبع بمشية وإرادة وقدر وقضاء و إذن وكتاب وأجل فمن زعم أنه يقدر على نقص واحدة منهن فقد كفر)، ومشيته تعالى تقتضي وجود الشئ كما استدل على ذلك بعض الأفاضل على ما في فروق اللغات لجدنا السيد الاجل شيخ مشايخ الاسلام السيد نور الدين نجل العلامة المحدث الجزائري (قدهما) بقوله تعالى: (ما شاء الله كان) وعلى مغايرة الإرادة للمشية بقوله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وبقوله تعالى: (وما الله يريد ظلما للعباد) إذ من المعلوم حصول العسر والظلم بين الناس الدال على أن الإرادة لا تقتضي وجود المراد انتهى ملخصا. وكيف كان فالمشية منه تبارك وتعالى المتعلقة بالموجودات هي إفاضة الوجود عليها، وإنفاذ فياضيته التامة فيها، فكل موجود ينتهي وجوده إليه تعالى شأنه، وهذا الانتهاء يكون على نحوين:
أحدهما: انتهاء الموجود بنفسه إلى إعمال قدرته كالذوات على اختلافها وكثرتها، والعلائق الكونية كعلاقة العلية والمعلولية، وعلاقة الغايات بالمغياة والمواد والصور وغيرها مما صير العالم متكونا بها، فإن هذه كلها أفعاله سبحانه