منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٢٦
المستند إلى اختيارهم للكفر، وصاروا كالانعام، بل هم أضل، فلا يفقهون بقلوبهم ولا يسمعون ب آذانهم، ولا يبصرون بأعينهم، ولما وصل كفرهم إلى أعظم مراتبه ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم - الآية - ومن المعلوم: عدم دلالة الآية بإحدى الدلالات على كونهم مجبورين على الكفر، إذ لا تدل إلا على عدم تأثرهم بالانذار، لبلوغهم غاية مراتب الكفر والشقاوة، فإن وصولهم إلى هذه المرتبة التي لا يؤثر معها الانذار ليس بالالجاء، لعدم دلالة الآية عليه أصلا، فلو سلم عدم قدرتهم على الايمان حينئذ كان ذلك مستندا إلى الاختيار، فيكون من صغريات قاعدة: الامتناع بالاختيار لا ينافي الاختيار.
وبالجملة: فمثل هذه الآية لا يدل على أزيد من عدم تأثير الانذار فيهم، وأما بلوغهم إلى غاية مرتبة الشقاء التي لا يؤثر معها التخويف فلا يدل على أن بلوغهم إليها كان بالالجاء والاضطرار أصلا، وربما يكون ذلك بالمبادئ الاختيارية.
الثانية: ما ورد في ثبوت جميع ما كان وما يكون وما هو كائن في أم الكتاب أو اللوح المحفوظ والجواب عنها واضح، لأنه كالجواب عن العلم في عدم التأثير، فثبوت جميع الأعمال بمبادئها الاختيارية في اللوح المحفوظ لا ربط له بالجبر أصلا.
الثالثة: الآيات التي تدل على تعلق مشيته تعالى بالافعال والتروك الظاهرة في تبعيتهما لها، وهي على قسمين:
أحدهما: ما ظاهره النهي عن إسناد الفعل إلى العبد نفسه إلا أن يشأ