منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٠٨
السعيد سعيدا والشقي شقيا، فإن السعيد سعيد بنفسه والشقي شقي كذلك، وإنما
(وقفوهم أنهم مسؤولون).
وثالثا: من أن ذاتيتهما تنافي ما ورد من العفو عن بعض الذنوب بالشفاعة أو غيرها، إذ لا معنى للعفو حينئذ.
ورابعا: من عدم انطباق حد الذاتي على السعادة والشقاوة اللتين يترتب عليهما الثواب والعقاب، أما الذاتي الايساغوجي - وهو الجنس والفصل - فواضح، وأما الذاتي البرهاني - وهو ما ينتزع عن نفس الذات من دون حاجة إلى ضم ضميمة كإمكان الانسان وغيره من الماهيات الإمكانية - فلوضوح عدم كون السعادة والشقاوة كذلك، لأنهما من الصفات العارضة للنفس كسائر الأوصاف النفسانية.
وخامسا: من أنه - بعد تسليم كونهما ذاتيتين - لم ينهض دليل عقلي ولا نقلي على كونهما بنحو العلة التامة كقبح الظلم وحسن الاحسان ونحو ذلك حتى يلزم الجبر، فيمكن أن تكون ذاتيتهما بنحو الاقتضاء، كقبح الكذب، ومن المعلوم أن مجرد وجود المقتضي لا يكفي في ثبوت الجبر بعد القدرة على إيجاد المانع عن تأثيره، ولا يدل الخبران المذكوران على العلية التامة أصلا.
أما الخبر الأول، فلان المراد بالسعيد والشقي في بطن الام هو علمه سبحانه وتعالى بكونه شقيا أو سعيدا وهو في بطن أمه، فعن ابن أبي عمير قال:
(سألت أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام عن معنى قول رسول الله صلى الله عليه وآله:
الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من سعد في بطن أمه، فقال: الشقي من علم الله وهو في بطن أمه أنه سيعمل أعمال الأشقياء، و السعيد من علم الله وهو في