منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤١٨
والخطاب لفرعون أي: فاصنع ما أنت صانعه على إتمام وإحكام، وقيل: معناه فاحكم ما أنت حاكم.
ومنها: قوله تعالى في سورة القصص الآية (٣٠): (فلما قضى موسى الاجل أي أوفاه وأتمه، وكذا - قضيت - فيما قبله (أيما الأجلين قضيت).
ومنها: قوله تعالى في سورة البقرة الآية (٢٧): (هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضى الامر وإلى الله ترجع الأمور) قال في مجمع البيان في تفسير - قضي -: (معناه فرغ من الامر وهو المحاسبة وإنزال أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار) انتهى، فالمراد بالقضاء هنا الفراغ، وكذا في قوله تعالى في سورة يوسف على نبينا وآله وعليه السلام الآية (٤٢):
(قضي الامر الذي فيه تستفتيان) قال في مجمع البيان: (أي فرغ من الامر الذي تسألان) انتهى. والغرض من ذكر معاني القضاء في القرآن الكريم هو: أنه مع كثرتها والاغماض عن قرينية مثل الرواية المزبورة على إرادة القضاء غير الحتمي في أفعال العباد لا محيص عن التوقف، لاجمال معنى القضاء، فروايات القضاء لا يظهر منها جبر أصلا، إذ مع النظر إلى القرينة المزبورة يراد به القضاء غير الحتمي الذي قد مر عدم إيجابه للجبر.
ومع الغض عنها يكون مجملا، ولا يستفاد منه شئ، فلا يصح الاستدلال بتلك الروايات على الجبر وارتفاع الاختيار عن العبد في أفعاله، ولو سلم عدم الاجمال، فلا يصح الاستدلال به أيضا، لأنه إن كان بمعنى العلم فليس علة حتى