منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٠٩
أوجدهما الله تعالى (قلم اينجا رسيد وسر بشكست). قد انتهى الكلام في المقام
بطن أمه أنه سيعمل أعمال السعداء) الحديث. (البحار - ج ٣ - باب السعادة والشقاوة) وأما الخبر الثاني، فالظاهر منه هو تنزيل الناس منزلة المعادن في أنه كما تكون المعادن من حيث المالية والجهات الموجبة لتنافس الخلق وتزاحمهم عليها مختلفة جدا ومتفاوتة جزما، كذلك الناس، فإنهم في الأخلاق والصفات متفاوتون كتفاوت المعادن فيما عرفت، فلا دلالة في هذا الخبر على كون السعادة والشقاوة ذاتيتين بمعنى العلة التامة كما هو قضية الجبر، ولو سلمنا دلالة الخبر على كونهما ذاتيتين، فالمتيقن منه ذاتيتهما بنحو الاقتضاء لا العلية التامة، وقد مر: أن مجرد الاقتضاء لا يثبت الجبر، ولو سلم ظهور هذا الخبر أو غيره من الروايات في كون السعادة والشقاوة ذاتيتين بمعنى العلة التامة فلا سبيل إلى حجيته، لعدم مكافأته للضرورة العقلية التي هي كالقرينة المتصلة، وللآيات والروايات المتواترة بل المتجاوزة عن حد التواتر النافية للجبر، فلا محيص عن التأويل أو الحمل على التقية، لما قيل: (من أن الجبر أشهر مذاهب العامة)، أو الطرح.
فتلخص مما ذكرنا: عدم لزوم الجبر من ناحية ذاتية السعادة والشقاوة.
وأما من ناحية الإرادة، فإن أريد بها إرادته تعالى شأنه، فقد عرفت أن المراد بها هو علمه باشتمال فعل العبد الصادر عنه باختياره على المصلحة، لا مطلقا ولو صدر عنه قهرا، ومن المعلوم أن هذه الإرادة لا توجب الجبر. وإن أريد بها إرادته تعالى التي تنتهي إليها الممكنات، فلا تستلزم الجبر أيضا، وتوضيحه يتوقف على بيان مقدمة ذكرها بعض المحققين (قده) وهي: (أن الفاعل ينقسم