منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤١٠
إلى ما ربما لا يسعه كثير من الافهام، ومن الله الرشد والهداية وبه الاعتصام.
باعتبار إلى ما منه الوجود وإلى ما به الوجود، والمراد بالأول: مفيض الوجود ومعطيه، وهو منحصر في واجب الوجود جل وعلا، و بالثاني: مباشر الفعل الذي يفاض عليه الوجود ويكون مجرى فيضه، فيجري منه فيض الوجود إلى غيره، وهو منحصر في غير واجب الوجود جلت عظمته، لاباء صرافة وجوده عن الاتحاد مع الممكنات حتى يباشر الحركات.
وبالجملة: فمعطي الوجود هو الواجب تعالى شأنه، ومجرى فيض الوجود هو الممكن.
وينقسم الفاعل باعتبار آخر إلى الفاعل بالطبع، وبالقسر، وبالاختيار.
والمراد بالأول: ما يكون فعله باقتضاء طبيعته بلا شعور وإرادة كالنار، فإن إحراقها ليس بإرادة ولا شعور، بل باقتضاء طبعها.
والمراد بالثاني: ما يكون الفاعل بالإضافة إلى الفعل كالموضوع لعرضه، فإسناد الفعل إليه يكون بضرب من المسامحة، إذ الفاعل حقيقة غيره، كتحريك يد الغير، فإن مباشر التحريك هو الفاعل ويد المتحرك محل الحركة، وليس المتحرك هو الفاعل إلا مسامحة.
والمراد بالثالث: ما يكون صدور الفعل منه منوطا بعلمه وقدرته وإرادته، فهذه الصفات مصححات فاعليته بالفعل). إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم: أن المراد من انتهاء الفعل إلى إرادة الباري تعالى ان كان انتهاء إرادة العبد - لامكانها - إلى إرادة الله عز وجل فلا يضر ذلك بالفاعلية التي هي شأن الممكنات، إذ العبد بذاته وصفاته وأفعاله لا وجود له إلا بإفاضة الوجود من الباري تعالى، لأنه