منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤١١
مفيض الوجود، دون الممكن الذي هو مجرى فيض الوجود كما تقدم، ويستحيل أن يكون الممكن المحتاج إلى الوجود مفيضا للوجود، فلا منافاة بين انتهاء إرادته - لامكانها - إلى إرادته سبحانه وتعالى، وبين كون فعله اختياريا له مع فرض علمه وقدرته وإرادته.
وإن كان المراد من الانتهاء: انتهاء الإرادة إلى الباري عز وجل على حد انتهاء الفعل إلى فاعل ما به الوجود حتى يلزم الجبر، فهو مستحيل في حقه تعالى، لما مر آنفا من إباء صرافة وجوده عن الاتحاد مع الممكنات.
والحاصل: أن الانتهاء إلى فاعل ما منه الوجود لازم لا أنه ضائر، لأنه تعالى مفيض الوجود ومعطيه، فوجود كل ممكن منه عز وجل فهذا الانتهاء ضروري، ولكن لا يلزم منه الجبر، إذ الذي يتوقف عليه الجبر هو انتهاء الفعل إليه تعالى انتهاءه إلى ما به الوجود، لكنه مستحيل في حقه تعالى، لما عرفت.
وبالجملة: فالانتهاء المتحقق لازم وغير ضائر، والانتهاء الضائر المثبت للجبر غير متحقق، هذا ما يتعلق بإرادته سبحانه وتعالى.
وأما إرادة نفس العبد فلا توجب الجبر أيضا، لعدم كونها علة تامة لوجود الفعل في الخارج بحيث يصير العبد مسلوب الاختيار، كما يشهد به الوجدان السليم، حيث إن الإرادة المفسرة بالشوق المؤكد لا تسلب الاختيار، بل هو مع هذا الشوق يقدر على كل من الفعل و الترك، ولا يصير الفعل به ضروري الوجود، غاية الامر أن الشوق المؤكد يكون داعيا إلى اختيار الفعل وترجيحه على الترك، بل يشهد بذلك البرهان أيضا، لتخلف الإرادة عن المراد أحيانا، كما إذا لم يكن