منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤٠٧
الذهب والفضة كما في الخبر، والذاتي لا يعلل [1] فانقطع سؤال أنه لم جعل
الله أعز من ذلك، قلت: فجبرهم على المعاصي، قال: الله أعدل وأحكم من ذلك قال: ثم قال الله تعالى: يا بن آدم أنا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك) وذلك لان المراد بأولويته عز وجل بالحسنات أمره بها وإعطاء القوة عليها والتوفيق لها، والمراد بأولوية العبد بالسيئات هو: أنه تعالى نهاه عنها، وأوعد عليها، ووهب له القوة ليصرفها في الطاعات، فخالف ربه وصرفها في السيئات. كما لا ينافيه الأخبار الواردة في القضاء والقدر والمشية والفطرة والطينة، ولا يثبت بها الجبر كما سيأتي توضيحه إن شاء الله تعالى.
[1] لعله أراد بذلك ما عن جماعة من الفلاسفة (من أن العقاب والثواب ليسا من معاقب خارجي ومنتقم غضبان ينتقم من عدوه لإزالة ألم الغيظ، والتشفي عن حرقة لهب الغضب المستحيل في حقه تعالى شأنه، بل هما من اللوازم الذاتية للأفعال الحسنة والقبيحة المنتهية إلى الشقاوة والسعادة الذاتيتين).
وأنت خبير بما فيه أولا: من أن الثواب والعقاب - على ما دلت عليه الآيات والروايات - جزاء من الله تعالى بالعمل الحسن والقبيح، و الثواب - على ما عرفه المتكلمون - هو النفع المستحق المقارن للتعظيم، والعقاب هو الضرر المستحق المقارن للاستخفاف، ومع الجبر لا استحقاق، لعدم كون الفعل اختياريا للعبد، وتجسم الأعمال على ما في بعض الروايات لا يدل على كون ذلك من قبيل اللوازم الذاتية، بل ذلك المجسم هو الذي جعل جزاء للعمل.
وثانيا: من أن الثواب والعقاب لو كانا ذاتيين للعمل لم يكن وجه لتوقيف العباد في مواقف الحساب للسؤال عنهم على ما صرح به قوله تعالى: