منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ١ - الصفحة ٤١٢
إرادة للعبد، ومع ذلك يوجد الفعل كراهة، لخوف أو اضطرار أو نحوهما، فإن الشوق المؤكد حينئذ مفقود، ومع ذلك يؤتى بالفعل، فيعلم من ذلك عدم كون الإرادة علة تامة، وعدم توقف الفعل عليها، لوجوده بدونها في صورة الكراهة، وقد اتضح من هذا البيان أمران:
أحدهما: أنه لا وجه لما عن الفلاسفة من كون مناط الفعل الاختياري هو سبقه بالإرادة المفسرة بالشوق المؤكد، وذلك لما عرفت من صدور الفعل أحيانا من فاعل بالاختيار بدون الإرادة أصلا.
ثانيهما: أنه لا وجه لجعل الإرادة بمعنى الشوق المؤكد علة تامة لوجود الفعل في الخارج، لما مر آنفا من قيام الوجدان والبرهان على خلافه.
(تكملة) قد عرفت أن الاختيار في أفعال العباد مما لا بد منه في صحة التكليف، وإلا يلزم الظلم، ضرورة أن العقاب على فعل غير اختياري قبيح عقلا، لكونه ظلما لا يصدر عن الحكيم، فلو كان هناك ما يكون ظاهرا في الجبر أو موهما له فلا بد من تأويله أو طرحه أو حمله على التقية، ولما كان هناك روايات توهم دلالتها على الجبر، فلا بأس بالتعرض الاجمالي لها فنقول مستعينا به تعالى ومتوسلا بوليه صلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين وعجل فرجه وأدرك بنا أيامه:
إن الروايات المشار إليها تشتمل على ثلاثة عناوين:
أحدها: عنوان القضاء والقدر.
ثانيها: عنوان المشية.
ثالثها: عنوان الفطرة والطينة، فهنا مقامات ثلاثة: