والمناقشة فيه: بأنه بناء غير محرز رضا الشرع به، غير صحيحة، لأنه بمرأى ومنظر من الشرع، فالتفكيك ولو كان جائزا ثبوتا، ولكنه غير واقع إثباتا، للحاجة إلى صراحة الأدلة في ذلك، كما لا يخفى، فتأمل جيدا.
ثم إن مقتضى الكتاب وجوب الإطاعة، فإذا ثبت وجوب شئ أو حرمته بالخبر الواحد، فالعمل على طبقه واجب، لأنه من الإطاعة الواجبة بحكم العقل المؤيد بالشرع.
ودعوى: أن وجوب الطاعة لا ينحل إلى الوجوبات الكثيرة، لأنه يسقط بالمصداق الأول، وإلا يلزم التسلسل، غير صحيحة (1).
وأيضا: مقتضى طائفة من السنة الأمر بالأخذ، كالأمر بأخذ ما رووا في بني فضال، وأن الموالي ليس لهم التشكيك فيما يرويه الثقات، ولا يكونون معذورين.
فبالجملة: هذه المسألة واضحة جدا، ولو أمكن المناقشة في الوجهين الأولين، لما أمكن ذلك في الأخير، فتدبر.
التنبيه الخامس: في أنه لا فائدة في تقسيم الخبر إلى أقسامه بناء على حجية الخبر الواحد، فالأقوى عدم الفرق بين أقسامه: من الصحيح، والموثق، والقوي، والحسن، والمنجبر بالعمل، كما مر بتفصيل، فإن دليل حجية الخبر الواحد أعم.
وتوهم اختصاص الحجية بالطائفة الأولى، لأن في الأخبار ما يومئ إلى حجية الصحيح فقط (2)، كما مر في طي البحوث السابقة (3)، فهو بمعزل عن التحقيق،