والاطمئنان، فيصح الإسناد والإخبار عن العطار والحميري وأبي إسحاق، لحصول الاطمئنان من إخباراتهم، فما في " تهذيب الأصول ": " من أن هذا الأثر مخصوص بصورة قيام البينة " (1) ممنوع من جهات عديدة.
وأما ما في " الكفاية " من حل مشكلة ناظرية الدليل إلى نفسه: بأن القطع باتحاد هذا الأثر - وهو وجوب التصديق في عرض سائر الآثار - يكفي ولو لم يكن نفس قوله: " صدق العادل " ناظرا إليه (2).
ففيه: أن ناظرية الدليل إلى نفسه لو كانت ممتنعة، فدعوى القطع بالاتحاد غير تامة، لما أشير إليه آنفا: من أن تصديق العادل هو التصديق العملي، ولا عمل في الوسائط، فلا يمكن حل المشكلة بدعوى القطع.
هذا مع أن الناظرية ليست ممتنعة، لا لأجل أن الإقرار على الإقرار نافذ، أو البينة على البينة معتبرة، مع أنه لا دليل بالخصوص على الاعتراف الثاني المكذب للاعتراف الأول، ولا على نفوذ البينة الثانية، وذلك لأن انحلال القضية إلى القضايا جائز حكما، وواقع بالضرورة في الانشائيات القانونية، وفي المثالين يكون كل واحد من الإقرار الثاني والبينة الثانية وجدانيا، وهما كافيان بلازمهما، فالقياس مع الفارق.
فما هو الوجه لجواز النظر: هو أن قوله: " صدق خبر العادل " ليس ناظرا إلى مطلق الآثار، ولا إلى أثر هو نفسه، بل هو بعث إلى تصديق خبر العادل، ولزوم كونه ذا أثر حكم عقلائي يدركه العقلاء بعد سماع هذه القضية، فيدركون أن نفس الوجوب مثلا من الآثار، لولا الإشكال السابق.
فتحصل: أن الانحلال جائز، إلا أنه هنا لا ينحل إلى المصاديق التعبدية