والتفصيل لا غير فالمسألة عقلية محضة، وبذلك يظهر النظر ما عن بعض محققي العصر قدس سره حيث إنه بنى جواز الاكتفاء وعدمه على اعتبار قصد الوجه والتميز في المأمور به شرعا وعدم حصولهما الا بالعلم التفصيلي، أو عدم اعتبارهما، وان أصالة الاطلاق أو أصالة البراءة، هل يرجع إليهما عند الشك في اعتبار هذه الأمور أو لا وجه النظر ان هذا خروج عن محط البحث ومصب النزاع، فإنه ممحض في المسألة العقلية البحتة، وهى ان الامتثال الاجمالي هل هو كالامتثال التفصيلي مع اشتراكهما في الاتيان بالمأمور به على ما هو عليه بشراشر شرائطه، واجزائه، أو لا، واما القول بان الامتثال الاجمالي مستلزم لعدم الاتيان بالمأمور به على ما هو عليه، فخروج عن البحث كما أن البحث عن لزوم قصد الوجه والتميز وعدمهما و ابتناء المقام عليه، كلها بحث فقهي لا يرتبط بالمقام لأنه لو احتمل، دخالة ما ذكرنا لا يكون الموافقة علمية اجمالية، بل احتمالية خارجة عن مصب البحث.
وان شئت قلت: ان البحث في أن العقل في مقام الامتثال هل يحكم بلزوم العلم التفصيلي عند الاتيان بالمأمور به حال الاتيان به، وان الموافقة الاجمالية القطعية لا تفيد مع الاتيان بالمأمور به بجميع قيوده - أو لا -، فالقول باحتمال دخالة قيد شرعا في المأمور به وانه لا يحصل الا بالعلم التفصيلي، أجنبي عن المقام.
إذا عرفت ذلك: ان القائلين بعدم الاكتفاء يرجع محصل مقالهم إلى أمرين الأول: ان التكرار لعب بأمر المولى وان العقل يحكم بان اللاعب بأمره لا يمكن ان يتقرب به ولو اتى بجميع ما أمر به.
الثاني: ان الامتثال التفصيلي مقدم على الامتثال الاجمالي ومع التمكن منه لا تصل النوبة إليه - فنقول اما الأول ففيه انه ربما يترتب الغرض العقلائي على التكرار فلا نسلم ان الاحتياط لعب بأمر المولى وتلاعب به. بل يمكن القول بالصحة إذا كان مطيعا في أصل الاتيان وإن كان لاعبا في كيفية الامتثال، فالصلاة على سطح المنارة أو على أمكنة غير معروفة تجزى عن الواجب وإن كان لاعبا في ضمائمه.