ومما يؤيد قصور شمول المفهوم لحجية خبر العادل في المسائل المعتنى بها، أو قصور شمول التعليل على فرض كون الجهالة سفاهة، قوله تعالى: * (فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) *.
اللهم إلا أن يقال: بأن الإصباح نادما من تبعات مطلق التخلف عن الواقع وعدم الإصابة ولو كان علما، مع أن حجية العلم قطعية.
فبالجملة: يستفاد من التعليل ملامة الآية بالنسبة إلى الإصابة بجهالة، وهو أمر مربوط بمقام الإقدام، ويورث اعتبار كون الإقدام عقلائيا.
وأما جملة: * (فتصبحوا) * فهي من آثار ذلك الإقدام، وقد اخذت في الآية ترغيبا إلى أن يتوجه الأمة إلى أن يكون إقدامهم عقلائيا، لقلة الإصابة بجهالة في مورده، ولو كان الندم عاما مشتركا بين كافة الطرق التي تكون حجة ذاتية وعرضية، ومن هنا يظهر وجه ضعف ما في كلام العلامة الأراكي (قدس سره) (1).
وعلى كل تقدير: بناء على كون الجهالة هي السفاهة، وكون الأمر بالتبين، لإيضاح صدق خبر الفاسق وضوحا أعم من العلم والاطمئنان، كما مر (2)، وتكون علة الإيجاب هي السفاهة، لا الفسق، أو هي مع الفسق، كما أشير إليه، فعلى كل تقدير، لازمه حجية خبر العادل إلا فيما مر، ولا يلزم هنا تخصيص، ولا تعارض، ولا حكومة.
ومنها: إذا كانت الجملة حكمة تشريع، ونكتة لإيجاب التبين، فلا يلزم الإشكال المزبور على المفهوم، لو لم يكن إشكال آخر في البين من الإشكالات