أوضحوه وأبرزوه، أي أبرزوا الخبر والنبأ الجائي به الفاسق، أو بمعنى تأملوه حتى يتضح صدقه وكذبه، وأظهروا صدقه وكذبه. فعلى هذا لو كان نبأ الفاسق واضح الصدق، فلا يجب التبين، ولا التأمل، ولو تأملوه وفتشوا عن صدقه وكذبه، ولم يتمكنوا منه، لا يجوز اتباعه والعمل به.
فمنه يعلم: أن الأمر بالتبين كناية عن أمر آخر، وليس هو من الواجب النفسي، ولا الشرطي، حتى يقال: بأن التبين والتأمل بعنوانهما شرط (1)، بل الشرط هو وضوح صدق الخبر، أو صدق المخبر، فإنه موجب لجواز العمل به، وأما التبين المنتهي إلى الكذب، فهو وإن كان من التبين والإيضاح عرفا ولغة، ولكن ليس هو من العمل بالأمر، فيجوز العمل بالخبر، فإنه باطل بالضرورة، فالجزاء جملة كنائية عن لزوم كون الخبر واضح الصدق، أو المخبر واضح الصدق.
وتوهم: أن الواجب هو الفحص عن القرائن القائمة على الصدق في ناحية المنطوق، وتكفي العدالة للقرينية في ناحية المفهوم (2)، غير صحيح، لأن التبين حتى باللغة والتفسير هو الإيضاح والإبراز والإظهار، والضمير يرجع إلى الخبر، أي تبينوه وأوضحوا صدقه.
فاحتمال كون المقصود، إيضاح صدق المخبر ولو لم يكن الخبر صادقا، لأن صدق المخبر ميزانه مطابقة الخبر للاعتقاد، وصدق الخبر ميزانه مطابقة الخبر للواقع (3)، باطل. مع أن التفصيل المذكور غير تام، ومحرر في محله (4).
فتحصل: أن مفاد المنطوق هو التبين وإيضاح الخبر صدقا، وأنه كناية عن