" الجهالة " حيث تكون في الكتاب فهي السفاهة.
وإن شئت قلت: ليست الجهالة إلا ضد العلم بالنسبة إلى عواقب الأمور وتبعات الأفاعيل، أو بالنسبة إلى نفس الفعل والعمل، وليس ما اشتهر من تعدد المعنى للجهالة، في محله، وإنما الاختلاف في موارد الجهل، فإن كان الجهل بأصل الفعل، فهي ضد العلم، وإن كان الجهل بآثار الفعل وعواقبه، فإذا اقدم عليه يكون من السفاهة.
فعلى كل تقدير: هي ضد العلم. وأما ما هو المراد هنا فهو الجاهل لعواقب التبعية لخبر الفاسق.
ويؤيد كون المراد منها ليس الجهل: أنها استعملت في أربع آيات:
فمنها: قوله تعالى: * (أنه من عمل منكم سوء بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) * (1).
والآية الثانية مثلها (2).
والثالثة: * (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة) * (3).
ولا معنى للتوبة في مورد الجهل، فإن الجاهل معذور عقلا وشرعا، ولا يجب عليه التوبة والإصلاح، فيعلم منه أن الجهالة هي السفاهة، وهي المناسبة للحكم والموضوع، ولا معنى للمخاطبة مع الجاهلين إذا كانوا غير ملتفتين، بخلاف العالم بالقضية، والجاهل بتبعات العمل.
ويؤيد ذلك قوله تعالى: * (فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) * (4).