الواحد المقرون.
وتوهم: أن السيد يذهب إلى عدم حجيته مطلقا (1)، أو ابن إدريس يذهب إليه (2)، في غير محله، لما نجد أن السيد - بل وابن إدريس - لا يسلكان في الفقه مسالك جديدة إلا نادرا، وقلما يتفق أن يكون ذلك، لكون الموجود فيما بين أيديهما الخبر الواحد.
فيعلم من ذلك: أن مسألة حجية الخبر الواحد الموجود في الكتب الأربعة، المفتى به إجمالا في الكتب الاستدلالية، أمر مفروغ منها في الفقه، ولا تحتاج إلى زيادة الاستدلال، وإقامة البرهان، ولا سيما بعد اعتضاد الشهرة القديمة بالشهرات، بل والإجماعات في العصور المتتالية إلى عصرنا، وقد أصبحت المسألة كالنار على المنار، وكالشمس في رابعة النهار، فهل ترى في الغور في هذه المسألة، فائدة ونفعا أصلا إلا شاذا ونادرا؟!
وبالجملة: حجية ما في الكتب الأربعة، من الضروريات الأولية في الفقه، وليست مما تقوم عليها الأدلة، كالسيرة، أو بناء العقلاء، لما لا شك فيها، بل ما فيها مما كان يعمل بها قبل انضباطها في تلك الكتب، وقبل أن يؤلف المؤلفون شيئا، ففرق بين قطعية الصدور، وبين حجية الصادر قطعا.
وعلى هذا، لا تبقى المسألة ذات الشبهة والتردد إلا بحسب البحث الكبروي.
ولو كانت الأدلة الناهية كتابا (3) وسنة (4) تامة الدلالة، لكانت خارجة عنها تلك الأخبار تخصيصا وتقييدا، أو انصرافا، أو كشفا عن وجود قيد لها يورث صرفها عنها.