وبالجملة: إن قلنا بجابرية الشهرة العملية، تلزم المعارضة بين السنة المستند إليها، وبين الصحاح غير المفتى بها. وإن لم نقل بالجابرية، فربما يتعين الأخذ بالصحاح الموجودة، لاحتمال كونهم من باب الترجيح أخذوا بما أفتوا به.
ويحتمل سقوط حجيتها، لقصور بناء العقلاء في هذه الصورة، لصلاحية الشهرة العملية للقرينية على شئ فيها.
قلنا: احتمال الترجيح بعد المعارضة والتساقط، صحيح فيما إذا كان الخبران مذكورين في الجوامع، صحيحين، وأما فيما إذا كانت الشهرة العملية، مستندة إلى رواية غير مذكورة في الجوامع، أو تكون مذكورة بالسند الضعيف جدا، وكانت الأخبار المعارضة كلها صحيحة بكثرتها، فلا معنى للترجيح، بل الترجيح معها، فيعلم منه: أنها معرض عنها، غير قابلة للإفتاء بها، سواء كانت السنة المستند إليها في الفتوى، أم لم تكن.
ويعلم وجود القرائن المضادة لها، بعد عدم عمل الجل بها، الذين يعتنون بالأخبار كل الاعتناء، ولا يعتنون بالضعاف مطلقا، وبقول مطلق.
وعلى هذا يتبين: أن عدم اعتمادهم عليها، وعدم الإفتاء على طبقها - بعد نقلهم تلك الأخبار في أصولهم - دليل على ضعفها، خصوصا من ناحية الاطلاع الخارجي، والوقوف الخاص على نقاط الضعف فيها، ومنها: جهة الصدور أحيانا، وإن لم يكن في عصرنا دليل عليه، ولكن ربما كان الحكم الباطل المشهور في عصر صدور تلك الأخبار، غير مضبوط في كتب العامة، فعدم وجداننا شيئا يشهد على اضطراب جهة الصدور، لا يدل على عدم وجود منشأ للاضطراب، كما هو الظاهر.
وتبين: أن في نفس ذلك تضعيفا لها، سواء كانت الشهرة العملية جابرة، أم لم تكن.
فتوهم: أن عند عدم القول بالجابرية، يمكن الاتكال على تلك الأخبار، باطل