إلى الدلالة، لا السند، فتدبر.
والذي هو الحق: أن الرواية المستند إليها، إن كانت ظاهرة على خلاف الشهرة العملية، فيعلم من وجود الشهرة قيام القرائن الظاهرة، وإلا لما كان وجه لفهم الجل ما هو خلاف الظاهر بعد بنائهم على الاجتهاد، وعدم اعتماد المتأخر على المتقدم في الرأي والإفتاء، ولذلك اختلفت فتاوى الأساتذة والتلاميذ كثيرا.
وأما لو كانت غير ظاهرة، بل كانت قابلة لفهم جل منها شيئا، والآخرين منها شيئا آخر، فالسند منجبر دون الدلالة، وذلك لأن انجبار السند مستند إلى القرائن الواضحة، وأما الاتفاق على الدلالة فهو مستند إلى فهمهم من الكلام.
وتوهم: أن انجبار السند بلا وجه، بعد إمكان اختلاف أفهامهم في فهم المتن والحديث، غير مضر، لأن مجرد الإمكان غير كاف.
وما قيل: " قد اتفق في الفقه، اختلاف فهم المشهور والمتأخرين في مسألة " أخبار ماء البئر " فهو لأجل الاجتهادات المخصوص بها المتأخرون، مع كثرة الأخبار في المسألة (1) التي ربما لا يصل إليها القدماء، لعدم وجود الوسائل الكافية عندهم.
هذا مع أن مجرد المورد الواحد أو الموردين، لا يضر بما ذكرناه حسب الطبع، ولذلك نجد البناءات العقلائية على الاتكال على فهم المشهور، ويعدون المتردد في الأمر والشاك في صحة الاستناد، خارجا عن المتعارف.
وغير خفي: أن كثيرا مما ينسب إلى الشهرة القديمة، ثم يخالفها المتأخرون، ليست منها بعد المراجعة، ولا يمكن تحصيلها. والاشتهار في الفتوى في الفروع المستحدثة في كلمات أمثال الشيخ، ومن يقرب من عصره، أو يتقدم عليه أحيانا، لا يكفي، لأنه معلوم وجه استنباطه.