ولا سيما عند الشهيد (رحمه الله) فإنه ربما يقال: إنه من الخمسة الذين هم من المحدثين العظماء، وعلى هذا تحصل المعارضة أحيانا بين الإجماعين.
وأما على القول: بأن الاجماع يكشف عن اشتهار الحكم بين الأوائل، حتى وصل إلى الثواني، فلا معارضة بينه وبين الاجماع الحاصل بين المتأخرين، لما لا حجية له رأسا.
ومما يؤيد الوجه الأخير: عدم قابلية معقد الاجماع للتخصيص والتقييد، ولا يعامل معه معاملة السنة الصحيحة، كما هو الواضح.
ولكن الذي ربما يتوجه إليه: إمكان تحصيل الاجماع على بعض المسائل الفرعية، التي لا يحتمل اشتهارها في الصدر الأول، ولا تكون مورد الابتلاء، فإن الأحكام المشتهرة في عصرنا، هي الأحكام الشائعة المبتلى بها الناس، دون مثل الحكم في كتاب الظهار والإيلاء، فعلى هذا لا بأس بالالتزام بكونه كاشفا عن الرأي في بعض المواقف، وعن السنة في الموقف الآخر، ولا داعي إلى كون وجه الحجية أمرا وحيدا، وجهة فريدة.
ولنا حل الإشكال الذي أشرنا إليه: بأن عمل المجمعين بإطلاق الحديث الموجود عندهم، يورث إضرابهم عن مفاد الدليل المقيد له، فلا يكون الحديث الأخص، صالحا لتقييد إطلاق معقد الاجماع، فليتدبر جيدا.
وبالجملة تحصل: أن الاحتمالات الكثيرة في وجه حجية الاجماع، كلها غير صالحة إلا الأخيران، ولا داعي إلى القول: بأن الاجماع يكشف عن السنة، أو يكشف عن رأي المعصوم، وعن فتوى الإمام (عليه السلام) بل تختلف الموارد:
ففيما يكون الحكم من الأحكام المتلقاة عن الأئمة، لكونها كثيرة الابتلاء، يكون وجه الحجية اشتهاره.