يرجع حديث الحدس إلى معنى محصل. كما أن حديث تراكم الظنون مثله (1)، كما لا يخفى.
ومما ذكرنا يظهر: أن مناقشة بعضهم في هذه المقالات في غير محله، والأمر سهل.
بقي ما هو المشهور بين المتأخرين: وهو أن الاجماع حجة، لرجوعه إلى وجود السنة بينهم، وهي غير واصلة إلى المتأخرين، ويكون ذلك الخبر والسنة نقي الدلالة والسند، ويكون تاما من جهة الصدور، بحيث إذا وصل إلى المتأخرين لنالوا منه ما نالوا منه، ولأدركوا ولاستظهروا منه ما استظهروه منه (2).
فالمناقشة في هذا المسلك تارة: باختلاف نظر المجمعين مع غيرهم في حجية السند، وأخرى: بأن من المحتمل كون الخبر غير تام الدلالة، غير تامة، وقابلة للدفع، ضرورة أن من اتفاقهم في الحكم، يتبين أن السند مورد وثاقتهم الخاصة، ومن اتفاق القدماء وأرباب الحديث الأولين الذين هم لا يعملون الاجتهادات الدقيقة في فتاويهم، يحصل الوثوق والاطمئنان بأن الخبر الموجود عندهم ظاهر.
وأما قصة اتفاقهم في مسألة نجاسة ماء البئر، مع اختلاف المتأخرين منهم فيها، فهي راجعة إلى كيفية الجمع بين الأدلة، فتدبر.
نعم، ربما يشكل الأمر على هذه الطريقة: بأن احتمال وجود رواية لديهم، وعدم نقلها في الجوامع الأولية، بعيد جدا.
ولكنه يهون بعد التأمل في تأريخ حياتهم، واغتشاش بالهم، وعدم العثور على كثير من الآثار. مع إمكان عدم نقل الطبقة الأولى للمتأخرين، فلم تصل السنة