هذا مع أن اعتبار البينة في الشهادة، يقتضي اعتبارها في الآراء، للأولوية.
نعم في خصوص الرجوع إلى رأي الفقيه أو إلى الآراء الاخر، تكون الأدلة وافية، كما عرفت. وما مر في الوجه الثالث: من أن أهل الفن يستندون إلى الحس دون اللغوي، قابل للإشكال، لأن الكل مشترك في استنادهم في قولهم إلى الرأي والاستظهار، فلاحظ وتدبر جيدا.
الأمر السادس: دليل الانسداد، بتقريب أن قضية العلم الاجمالي، وممنوعية إجراء البراءة، وعدم وجوب الاحتياط قطعا، هو اعتبار إخبار اللغوي، وإخبار الرجالي، وغير ذلك مما يتوقف عليه الخروج عن عهدة التكليف المعلوم بالإجمال، لا مطلق الظن حتى يقال: بعدم انتهاء الانسداد إلى ما هو المطلوب، وهي حجية قول اللغوي بما هو هو.
وإن شئت قلت: سيمر عليك أحيانا (1)، أن دليل الانسداد مما يحتاج إليه، وتكون نتيجة مقدماته حجية الظنون الخاصة - لا الظن المطلق - على خلاف المشهور، وتنتهي مقدماته إلى حجية الظواهر، وخبر الواحد، واللغوي، والرجالي، والإجماع، والشهرة وهكذا، فتدبر جيدا.
أو بتقريب: أن وجوب الاجتهاد والإفتاء - لأن الهرج والمرج اللازم من الاحتياط، غير جائز قطعا، وإجراء البراءة ينتهي إلى هدم الدين والمخالفة القطعية، وبالجملة وجوب الاجتهاد - تفصيلا ينتهي إلى حجية قوله.
أو بتقريب: أن حجية الظواهر القطعية، لا بد وأن تنتهي إلى حجية قوله، فرارا من اللغوية، ضرورة أن عدم حجيته يخل بحجيتها، لأن الكلام الظاهر فرع الاطلاع على موادها، والاطلاع على موادها لا يتيسر إلا بقول اللغوي.
وبالجملة: إجراء القواعد من الاحتياط في بعض الموارد، أو البراءة في بعضها،