ويؤيده ما في أخبارنا، ففي مقبولة عمر بن حنظلة: " خذ بما اشتهر بين أصحابك ودع الشاذ النادر، فإن المجمع عليه لا ريب فيه " (1) فإن منه يستفاد أن الاتفاق، لا يتضرر بخروج النادر الشاذ، فيكون المفهوم المسامحي منه ذلك، أو هو مفهومه التدقيقي أيضا عرفا.
وأما قضية الخلافة، فما هو مورد اتفاق الأمة الإسلامية، هي خلافة أمير المؤمنين (عليه السلام) وإنما الاختلاف في خصوصياتها، وهي الأولية، والرابعية، وأما الثلاثة الباقون فخلافتهم خلافية، فأصل الخلافة ثابت له (عليه السلام) دون غيره، فاغتنم.
وأما تعريف الاجماع بالوجه الأحسن، فهو موقوف على ميزان حجيته، فإنه ربما يختلف ذلك باختلاف رأيهم في المسألة الآتية، ضرورة أن القائل بحجية الاجماع من باب القطع، ربما يحصل له القطع من العدة القليلين، والقائل: بأن ميزان الحجية هي الملازمة العقلية، يعتبر الاتفاق بمعناه التدقيقي، وربما يضر خروج مجهول النسب عنه ولو كان واحدا، فلو أخبر أحد من المجمعين: بذهاب شخص مجهول عنده إلى الخلاف، فهو يضر بالإجماع الحدسي والدخولي، بل واللطفي، مع أنه قد حصل الاتفاق الكلي من المعلوم نسبهم، فلو كان الاجماع هو الاتفاق المفيد للقطع، فلا يكون الاتفاق المزبور منه، كما لا يخفى.
ومن هنا يظهر ما في كلام جمع من الأصحاب (رحمهم الله) الخائضين في هذه المرحلة من البحث، والأمر سهل.