واصلة فيكون حجة في الاسلام. وأما عدم اطلاع فرد على هذا القانون العام، فلا يضر بحجيته، ولكن الجهل بها، وعدم وصولها إليه، وعدم الاطلاع عليها، يعد عذرا له فيما إذا كانت قائمة على تكليف لو اطلع عليها لكان التكليف منجزا.
وإن شئت قلت: هو معذور حينئذ بالنسبة إلى مؤدى الحجة، لا نفسها، إذ ليست مطلوبيتها نفسية، بل هي طريقية، فما قيل: " إن الوصول شرط الحجية مطلقا " (1) غير صحيح جدا.
ولو قيل: لو كان الأمر كما حرر، للزم معذورية من علم إجمالا: بوجوب الظهر، أو الجمعة، وترك الجمعة، وكان إذا يرجع إلى الأدلة يتبين له عدم وجوبها، ولكن كان ذلك خلاف الواقع، وأن الواقع وجوب الجمعة، فإنه مع تركه تكليفا واقعيا منجزا بالعلم الاجمالي، يكون معذورا، لصحة احتجاجه بتلك الأدلة التي لو كان يراجعها يعتقد عدم وجوبها، مع أن الضرورة تقضي بخلافه، فيعلم منه أن الحجة ما يحتج به فعلا، والوصول شرط كلي.
قلنا أولا: إنه لو لم تكن تلك الرواية والأمارة حجة، للزم أن لا تكون حجة قبل الفحص، لعدم الوصول. ولو كان قبل الفحص من الوصول عند العقلاء، فيما إذا ترك التكليف الواقعي القائمة عليه الأمارة الموجودة في الكتاب والسنة، ولا يكون معذورا بالنسبة إلى ترك التكليف الإلزامي، لكان في مفروض الكلام أيضا معذورا، لأن تلك الأمارة أيضا من الواصل عرفا وعند العقلاء، والتفكيك بين الأمرين من التحكم والتهكم.
فبالجملة: إن كان في هذه الصورة تلك الأمارة حجة فعلية، ففي الصورة الأولى أيضا هي حجة فعلية. ولو كان الوصول في كتاب " الوسائل " مثلا وصولا واقعا، كان الأمر كذلك في الصورة المذكورة.