وتوهم: أن الشك قبل الفحص حجة لا الرواية، في غير محله كما مر، وإلا تلزم لغوية حجية الأمارة والأخبار الموجودة، فافهم.
وبالجملة: ما هو الحجة بعد العثور على الرواية نفسها، بل وقبله، وكون الشك قبل الفحص حجة غير صحيح، وتفصيله في محله.
نعم، الجهل قبل الفحص ليس عذرا، ضرورة أن الخبر الموجود في محاله المحررة، واصل إليه، فليتدبر جيدا.
وما مر من منجزية الشك قبل الفحص، كما في كلام العلامة الأراكي (رحمه الله) هنا (1)، ومنجزية الشك في الشبهات المهتم بها، كما مر في كلامنا (2)، في غير محله، بل كل ذلك يرجع إلى عدم معذرية الجهل في هذه المواقف، بل وهكذا في أطراف العلم الاجمالي، لا يكون الجهل المقرون بالعلم عذرا، ضرورة أن اللازم إثبات امتناع العقاب عليه تعالى، ومع الاحتمال لا يجوز التخلف، فليتدبر جيدا.
وثانيا: لا منع من الالتزام بحجية الأمارة واقعا، وعدم شرطية الوصول الكلي لحجيتها، وفي المثال المزبور لأجل وجود الحجة الأسبق الأقوى - وهو العلم الاجمالي - تنكر حجية الأمارة بحكم العقلاء تخصيصا، فلا تنافي بين الأمرين.
وبالجملة: دعوى أن الأمارة التي وصلت إلى زيد حجة شرعية، وهي بشخصها ليست حجة بالنسبة إلى عمرو، لعدم عثوره عليها، فيكون في الشرع اعتبار الحجية، دائرا مدار وصول الخبر وعدم وصوله، بعيدة إنصافا، فإن المنساق من البناءات هي حجية خبر الواحد في الشرع، وحجية الظاهر، ولكل واحد منهما واقعية، ربما تتبين، وربما تتخلف، وفي الصورة الثانية يكون العبد معذورا بالنسبة إلى مؤداها، والله ولي الهداية.