الترخيص في العمل بالطرق والأمارات (1)، انتهى ملخص كلامه.
وأنت خبير: بأن التقريب الثاني باطل، ضرورة أن لازمه عدم انحفاظ الحكم الواقعي في مقام الفعلية، وأن الشرع بعد ملاحظة الكسر والانكسار بين المصالح الكلية، رجح إيجاب العمل بالطرق، فيكون الحكم الواقعي في صورة التخلف، لا حكما.
ويقرب منه التقريب الأول أيضا، لأنه إذا كان الشرع يلاحظ هذه الملاحظات، فلا يتمكن من إرادة البعث الجدي نحو الصلاة، مع عرفانه بأن الطريق موصل إلى خلافه، وهو قد أوجب العمل به، فلازمه الانصراف عن واقعه، والتجاوز عن مطلوبه في موارد لأجل المصالح العامة، وفداء المرجوح لنيل الراجح جائز، بل واجب، ولكنه يرجع إلى التصويب، بمعنى عدم اشتراك الأحكام بالقياس إلى الكل وقد فرض ابن قبة إشكاله وبنى شبهته على هذا الأصل المسلم عند الإمامية، في قبال الأشاعرة والمعتزلة.
ولعمري، إن ذلك أسوأ حالا من مذهب الاعتزال، لأنه يقول بالواقع الثانوي بخلافهما، حسب هذا التقريب المذكور هنا، وقد مر منا توضيحه في مباحث الاجزاء بما لا مزيد عليه (2)، وبنينا القول بالإجزاء هناك على هذا حتى في الأمارات والطرق، وسيمر عليك حقيقة الحال في ذيل البحث إن شاء الله تعالى.
وتحصل على هذا: أن إمكان الفرار من تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة موجود، لأنه - بحسب العقل - إذا كانت المصلحة المفوتة منجبرة، أو المفسدة الملقى فيها منجبرة بالمصلحة الأهم، يجوز التعبد بالأمارات والأصول.
ولكن قد عرفت: أنه يرجع إلى عدم انحفاظ الحكم الواقعي، ويرجع في