والتنزيل معا (1)، منحلة جدا. ولا ينبغي الخلط بين الجهة المبحوث عنها، وبين عدم وجود الدليل الناهض على تنزيل الأمارات منزلة القطع على الإطلاق في الآثار.
إن قلت: إذا كان من قيام الأمارة حصول صفة وصورة - كما في القطع - في صقع النفس وافق الذهن، كان لإطلاق ترتيب الآثار مجال، وأما في الطرق النوعية والأمارات العقلائية الخاصة، فلا يحصل منها صورة ذهنية تكون صفة، حتى تقوم مقام القطع الصفتي، فلا يعقل ذلك من هذه الجهة، وهكذا في الأصول المحرزة، وما هو أمارة تعبدية (2).
قلت: نعم، إلا أن ما هو الموضوع في الدليل والمأخوذ فيه، ليس عنوان " القطع " بما هو القطع، لأن القطع لا يتعلق به الأمر والنهي، بل المأخوذ هو عنوان " المقطوع ".
مثلا: إذا ورد: " لا تشرب إذا قطعت بالخمر " أو " إذا علمت بوجوب القصر يجب " فهو معناه أن الخمر المقطوع بها والخمر القائم على خمريتها القطع، محرمة، والصلاة القائم على وجوبها القطع واجبة، فإنه عندئذ تقوم مقامه سائر الطرق والأصول المحرزة، لأنه صفة لمن قام عنده، وليس صفة لفاقد الأمارة والحجة، كما لا يخفى.
ولك أن تقول: إن هذه العويصة لا تنحل إنصافا بالبيان المزبور، فلو حصلت من قيام الأمارات صفة، فهو يكفي حسب تنزيل الأمارة منزلة القطع على الإطلاق، وإلا فلو لم تحصل منها صفة نفسانية، أو كان الظن الشخصي على خلافها، فلا يعقل ترتيب الآثار بمجرد الإطلاق، لانتفاء موضوعه وهو وجود الصفة الناقصة، حتى يترتب عليه آثار وجود الصفة الكاملة.
بل يمكن دعوى: أن المشكلة لا تختص بصورة فقد الصفة، لأنه في صورة