وإن كانت لا يخلو من اجمال، إلا أن مراده بالأولى هي الأولى التي ذكرناه وبالثانية في كلامه هي الثانية التي نحن فيها، ووافقه العلامة فحكم بقوة ما ذكره، وإلى هذا القول مال جملة من أفاضل المتأخرين كالمحقق الشيخ على في شرح القواعد، والشهيد الثاني في المسالك، معللين له بأن فسخ المعاوضة يوجب رجوع كل مال لصاحبه، فإن كان باقيا رجع به، وإن كان تالفا رجع ببدله كائنا ما كان قالوا: وكون العين في يد المشتري غير مضمونة للبايع، معارض بماله قسط، حيث إنهم أوجبوا للرجوع بالنقصان ثمة، على أنا لا نقول أنها مضمونة مطلقا، بل بمعنى أن الفائت في يد المشتري يكون من ماله، لأن ذلك مقتضى عقود المعاوضات المضمونة فإذا ارتفع عقد المعاوضة و حصل فسخه، وجب رجوع كل من العوضين إلى مالكه، أو بدله إن فأت، على أن كون مثل اليد لا قسط لها من الثمن محل نظر، فإنه لولاها لم يبذل المشتري ذلك الثمن كله قطعا.
الثالثة ما إذا كان فوات ذلك الجزء الذي لا قسط له من الثمن بجناية أجنبي، قالوا: تخير البايع بين أخذه والضرب بأرش العيب، وبين الضرب بجميع الثمن، وذلك لأن الأجنبي لما ثبت عليه أرش الجناية وقبضه منه المشتري والأرش جزء من البيع، فإذا فسخ البايع رجع به، لأنه جزء من مبيعه، وهذا بخلاف العيب الذي من جهة الله عز وجل حيث أنه ليس له عوض.
أورد عليهم أولئك الفضلاء المتقدم ذكرهم، بأن ما ذكروه في هذه الصورة ينافي ما ذكروه سابقا في الصورة الثانية، لأنه بمقتضى التعليل الذي عللوا به سقوط الأرش في تلك الصورة، من أن العيب إنما وقع في وقت لم تكن العين مضمونة على المشتري، والبايع لم يستحقها إلا بعد الفسخ فلم يكن له الرجوع بأرش المتجدد، ينبغي أن لا يكون له هنا إلا الرضا بالمعيب، لأنه لم يجد سواه، قالوا:
وعلى ما قررناه من أن الفسخ يوجب رجوع كل من المتعاوضين إلى ماله أو بد له فالاشكال منتف، وأما جناية البايع فيحتمل كونها كجناية الأجنبي، ويحتمل كونها كالآفة السماوية، وفي المسالك رجع الأول قال: لأنه جنى على ما ليس