كان، وحيث إن السفه هو ما يقابل الرشد كما عرفت، فإنه يكون شرطا في الحجر حيثما كان، وأينما كان السفه هو المقتضي للحجر بالتقريب المذكور، كان الحجر بمجرد حصول السفه ولو لم يتحقق الحجر به لم يكن مقتضيا، وقد عرفت أنه مقتض، وهذا خلف.
وحينئذ فلا وجه للتوقف على حكم الحاكم، وما استدل به من الأدلة التي أطال بها فغايتها أن يكون مطلقة دالة على ما ذكره باطلاقها، وما استدلنا به خاص، فيجب تقديمه كما هو القاعدة، وتخصيص تلك العمومات به، وأما تأيده بالاجماع على المفلس، ففيه أن ثبوت الحكم هناك بدليل لا يستلزم اجراءه فيما لا الدليل عليه، بل الدليل على خلافه كما عرفت.
وأما تأيده بالشريعة السهلة وأن غالب الناس مجهول الحال أو معلوم السفاهة ففيه أنه يجب المنع من معاملة معلوم السفاهة اجماعا، وأما مجهول الحال وهو الأغلب في الناس فلا مانع منه إذ المقتضي للمنع كما عرفت هو وجود السفاهة والأصل عدمها حتى تثبت، فعده مجهول السفاهة في قرن معلوم السفاهة غلط محض، وبالجملة فالظاهر أن كلامه (قدس سره) في هذا المقام لا يخلو من مجازفة ومسامحة.
إذا عرفت ذلك فاعلم أن في المسألة قولين آخرين أحدهما عدم توقف ثبوته على حكم الحاكم، وتوقف زواله عليه، وهو مذهب الشهيد في اللمعة، وعلل الأول بأن المقتضي له، هو السفه، فيجب تحققه بتحققه، ولظاهر قوله عز وجل (1) " وإن كان الذي عليه الحق سفيها " حيث أثبت الولاية عليه بمجرد السفه.
وعلل الثاني بأن زواله السفه يفتقر إلى الاجتهاد وقيام الأمارات، لأنه أمر خفي فيناط بنظر الحاكم، ولا يخفى ما في الأخير من الضعف، وعدم صلوحه لتأسيس حكم شرعي.
وثانيهما عكسه، قال في المسالك: قيل إن به قائلا ولا نعلمه، نعم في التحرير جزم بتوقف الثبوت على حكمه، وتوقف في الزوال بحكمه: انتهى.