من هم؟ قال: أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في وجهه، ثم قال: يا رب ارزقني، فيقال له: ألم أرزقك " وهما كما ترى صريحا الدلالة في المنع عن ذلك.
وظاهر هما أن الانفاق في هذه الصورة معصية، لاستدلاله " عليه السلام " في الخبر الأول بقوله سبحانه (1) " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " الذي لا خلاف في تحريمه ايذانا بأن الصدقة هنا من قبيل ذلك، وقوله " عليه السلام " أنه ما أحسن يعني با أساء، وفي الثاني أنه يرد دعائه بذلك، والمعاصي هي التي تحبس الدعاء، كما ورد في جملة من الأخبار.
ومنها الآيات كقوله عز وجل (2) " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما " وقوله (3) " ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط " ففي صحيحة عبد الله بن سنان (4) عن الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (5) " والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا أو كان بين ذلك قواما " فبسط كفه وفرق أصابعه وحناها شيئا، وعن قوله " ولا تبسطها كل البسط " فبسط راحته وقال هكذا، وقال القوام ما يخرج من بين الأصابع ويبقى في الراحة منه شئ ".
وما رواه ابن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام (6) " قال: سألته عن قول الله عز وجل " وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا " قال: كان أبو عبد الله عليه السلام يقول: من الاسراف في الحصاد والجذاذ أن يصدق الرجل بكفيه جميعا وكان أبي إذا حضر شيئا من هذا فرأى أحدا من غلمانه يتصدق بكفيه صاح به أعط بيد واحدة، القبضة بعد القبضة، الضغث بعد الضغث من السنبل ".