بجوازه لدلالته صريحا على المقصود، ووروده لغة فيه، والايجاب بأحد هذه العبارات من السلم وهو المشتري، والقبول حينئذ من السلم إليه، وهو البايع، وهذا الحكم من خواص السلم بالنسبة إلى أقسام البيع، ومثله في صحة الإيجاب من كل من المتعاقدين الصلح، وهل ينعقد البيع بلفظ السلم كما ينعقد السلم به؟ بأن يقول أسلمت إليك هذا الدرهم في هذا الشئ قولان:
المشهور الجواز، ومثله على ما ذكره في القواعد ما لو قال البايع: أسلمت إليك هذا الثوب في هذا الدينار، قالوا: ووجه الصحة إن البيع يصح بكل ما أدى ذلك المعنى المخصوص، والسلم نوع من البيع، اعتبره الشارع في نقل الملك، فجاز استعماله في الجنس مجازا تابعا للقصد، ولأنه إذا جاز استعماله لما في الذمة المحتمل للغرر كان مع المشاهدة أدخل، لأنه أبعد من الغرر، إذ مع المشاهدة يحصل العلم أكثر من الوصف، والحلول يتيقن معه إمكان التسليم والانتفاع بخلاف الأجل، فكان أولى بالصحة، ووجه العدم أن لفظ السلم موضوع حقيقة للنوع الخاص من البيع، فاستعماله في غير ذلك النوع مجاز، والعقود اللازمة لا تثبت بالمجازات، ولأن الملك إنما ينتقل بما وضعه الشارع ناقلا، ولم يثبت جعل الشارع هذا ناقلا في موضع النزاع، وفصل ثالث فقال: الحق أنا إن قلنا باختصاص البيع بما يثبت شرعا من الألفاظ، لم يصح هنا، وإن جوزناه بكل لفظ دل صريحا على المراد صح، لأن هذا اللفظ مع قصد البيع صريح في المطلوب، وكلام الأصحاب في تحقيق ألفاظ البيع مختلف، والقول بعدم انعقاد البيع بلفظ السلم لا يخلو من قوة.
أقول: وهذا التفصيل جيد إلا أنك قد عرفت مما حققناه آنفا في صدر الفصل الأول في البيع في البحث عن الصيغة أنه لم يقم دليل على هذه الألفاظ التي اعتبروها وعينوها وزعموا أن الشارع حصر النقل فيها على الكيفية التي ادعوها، بل المفهوم من الأخبار أن كل ما دل من الألفاظ على التراضي من الطرفين فهو كاف في الصحة،