في مواضع.
النزول: روى الثعلبي بإسناده عن عبد الله بن مسعود، قال: مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، عنده صهيب، وخباب، وبلال، وعمار، وغيرهم من ضعفاء المسلمين، فقالوا: يا محمد: أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أفنحن نكون تبعا لهم؟ أهؤلاء الذين من الله عليهم؟ اطردهم عنك، فلعلك إن طردتهم تبعناك!
فأنزل الله تعالى: (ولا تطرد) إلى آخره.
وقال سلمان وخباب: فينا نزلت هذه الآية، (جاء الأقرع علي بن حابس التميمي، وعيينة بن حصين الفزاري، وذووهم من المؤلفة قلوبهم، فوجدوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قاعدا مع بلال، وصهيب، وعمار، وخباب، في ناس من ضعفاء المؤمنين، فحقروهم، وقالوا: يا رسول الله! لو نحيت هؤلاء عنك، حتى نخلو بك، فإن وفود العرب تأتيك، فنستحي أن يرونا مع هؤلاء الأعبد، ثم إذا انصرفنا، فإن شئت فأعدهم إلى مجلسك! فأجابهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى ذلك، فقالا له: أكتب لنا بهذا على نفسك كتابا، فدعا بصحيفة وأحضر عليا ليكتب، قال: ونحن قعود في ناحية، إذ نزل جبرائيل عليه السلام بقوله (ولا تطرد الذين يدعون) إلى قوله (أليس الله بأعلم بالشاكرين) فنحى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الصحيفة، وأقبل علينا، ودنونا منه، وهو يقول: كتب ربكم على نفسه الرحمة، فكنا نقعد معه، فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا، فأنزل الله عز وجل (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم) الآية. قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقعد معنا، ويدنو حتى كادت ركبتنا تمس ركبته، فإذا بلغ الساعة التي يقوم فيها، قمنا وتركناه، حتى يقوم، وقال لنا: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع قوم من أمتي، معكم المحيا، ومعكم الممات).
المعنى: ثم نهى سبحانه رسوله عليه واله السلام، عن إجابة المشركين، فيما اقترحوه عليه من طرد المؤمنين، فقال: (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي) يريد يعبدون ربهم بالصلاة المكتوبة، يعني صلاة الصبح والعصر، عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة، وقيل: إن المراد بالدعاء ههنا الذكر، أي:
يذكرون ربهم طرفي النهار، عن إبراهيم. وروي عنه أيضا أن هذا في الصلوات الخمس (يريدون وجهه) يعني: يطلبون ثواب الله، ويعملون ابتغاء مرضاة الله، لا يعدلون بالله شيئا، عن عطا، قال الزجاج: شهد الله لهم بصدق النيات، وأنهم