أن يفعلوا ما يستحقون به سلب النعمة باخراجك عنهم. قال ابن عباس: إن الله سبحانه لم يعذب قومه حتى أخرجوه منها (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) معناه: وما كان الله يعذبهم وفيهم بقية من المؤمنين بعد خروجك من مكة، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما خرج من مكة، بقيت فيها بقية من المؤمنين لم يهاجروا بعذر، وكانوا على عزم الهجرة، فرفع الله العذاب عن مشركي مكة، لحرمة استغفارهم، فلما خرجوا أذن الله في فتح مكة، عن ابن عباس، وعطية، والضحاك، واختاره الجبائي.
وقيل معناه: وما يعذبهم الله بعذاب الاستئصال في الدنيا، وهم يقولون:
غفرانك ربنا، وإنما يعذبهم على شركهم في الآخرة، عن ابن عباس، في رواية أخرى، ويزيد بن رومان، وأبي موسى، ومحمد بن مبشر.
وفي تفسير علي بن إبراهيم: لما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقريش: إني أقتل جميع ملوك الدنيا، وأجري الملك إليكم، فأجيبوني إلى ما أدعوكم إليه، تملكون بها العرب، وتدين لكم العجم. فقال أبو جهل: (اللهم إن كان هذا هو الحق) الآية حسدا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم قال: غفرانك اللهم ربنا، فأنزل الله (وما كان الله ليعذبهم) الآية.
ولما هموا بقتل رسول الله، وأخرجوه من مكة، أنزل الله سبحانه: (وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام) الآية فعذبهم الله بالسيف يوم بدر، وقتلوا. وقيل معناه: إنهم لو استغفروا لم يعذبوا، وفي ذلك استدعاء إلى الاستغفار عن ابن عباس في رواية أخرى، والسدي، وقتادة، وابن زيد. قال مجاهد: وفي أصلابهم من يستغفر، وقال عكرمة: وهم يسلمون، فأراد بالاستغفار الاسلام.
وقد روي عن أمير المؤمنين علي عليه السلام أنه قال: كان في الأرض أمانان من عذاب الله، وقد رفع أحدهما، فدونكم الآخر، فتمسكوا به. وقرأ هذه الآية. وروي ذلك عن قتادة أيضا (وما لهم ألا يعذبهم الله) معناه: ولم لا يعذبهم الله، وأي أمر يوجب ترك تعذيبهم (وهم يصدون عن المسجد الحرام) أي: يمنعون عن المسجد الحرام أولياءه، فحذف لأن ما بعده يدل عليه (وما كانوا أولياءه) أي وما كان المشركون أولياء المسجد الحرام، وإن سعوا في عمارته (إن أولياؤه إلا المتقون