فتوهموني أنني أنا ذاكم شاك سلاحي في الحوادث معلم (1) وأصله من الشوك. ودابر الأمر: آخره. ودابر الرجل: عقبه. والحق: وقوع الشئ في موضعه الذي هو له، فإذا اعتقد شئ بضرورة، أو حجة، فهو حق، لأنه وقع موقعه الذي هو له. وعكسه الباطل.
الاعراب: الكاف في قوله: (كما أخرجك ربك): يتعلق بما دل عليه قوله (قل الأنفال لله والرسول) لأن في هذا معنى نزعها من أيديهم بالحق، (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق) وقيل: تقديره قل الأنفال ثابت لله والرسول ثبوتا، مثل ما أخرجك ربك أي: هذا كائن لا محالة، كما أن ذلك كان لا محالة. وقيل: إنه يتعلق بيجادلونك، وتقديره يجادلونك بالحق، كما كرهوا إخراجك من بيتك بالحق، وقيل إنه يعمل فيه معنى الحق بتقدير هذا الذكر الحق، كما أخرجك ربك من بيتك بالحق، وقوله: (إنها لكم) في موضع نصب على البدل من (إحدى الطائفتين) وتقديره: يعدكم أن إحدى الطائفتين لكم، ونظيره قوله (هل ينظرون إلى الساعة أن تأتيهم).
المعنى: (كما أخرجك ربك من بيتك) يا محمد على التقدير الأول، قل الأنفال لله ينزعها عنكم مع كراهتكم ومشقة ذلك عليكم، لأنه أصلح لكم، كما أخرجك ربك من بيتك مع كراهة فريق من المؤمنين، ذلك لأن الخروج كان أصلح لكم من كونكم في بيتكم، والمراد بالبيت هنا: المدينة، يعني خروج النبي صلى الله عليه وآله وسلم منها إلى بدر، ويكون معنى (أخرجك ربك): دعاك إلى الخروج، وأمرك به، وحملك عليه، كما يقال أضربت زيدا عمروا فضربه.
وأما على التقدير الثاني، وهو أن يكون اتصاله بما بعده، فيكون معناه يجادلونك في الحق، كارهين له، كما جادلوك يا محمد حين أخرجك ربك، كارهين للخروج. كرهوه كراهية طباع، فقال بعضهم: كيف نخرج ونحن قليل والعدو كثير؟
وقال بعضهم: كيف نخرج على عمياء لا ندري إلى العير نخرج أم إلى القتال؟ فشبه جدالهم بخروجهم، لأن القوم جادلوه بعد خروجهم، كما جادلوه عند الخروج، فقالوا: هلا أخبرتنا بالقتال فكنا نستعد لذلك؟ فهذا هو جدالهم على تأويل مجاهد.