أن يكفر، ولكن بقيناه ليزداد الإيمان، فكفر عن الجبائي. وقيل معناه: ولو شئنا لحلنا بينه وبين ما اختاره من المعصية، وهذا إخبار عن كمال قدرته، عن البلخي، والزجاج (ولكنه أخلد إلى الأرض) أي: ركن إلى الدنيا، ومال إليها، عن سعيد بن جبير، والسدي، ومعناه: ولكنه مال إلى الدنيا بإيثار الراحة والدعة في لذة (واتبع هواه) أي: وانقاد لهواه في الركون إلى الدنيا، واختيارها على الآخرة.
ثم ضرب له مثلا فقال (فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث) معناه: فصفته كصفة الكلب، إن طردته، وشددت عليه، يخرج لسانه من فمه، وإن تركته ولم تطرده، يخرج لسانه من فمه أيضا، وتحمل عليه: من الحملة لا من الحمل، والمعنى: إن واعظته فهو ضال، وإن لم تعظه فهو ضال في كل حال، كما أن كل شئ يلهث، فإنما يلهث في حال الإعياء والكلال، الا الكلب فإنه يلهث في كل حال، ومثله قوله سبحانه: (سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون). وقيل: إنما شبهه بالكلب في الخسة، وقصور الهمة، وسقوط المنزلة، ثم وصف الكلب باللهث على عادة العرب في تشبيههم الشئ بالشئ، ثم يأخذون في وصف المشبه به، وإن لم يكن ذلك الوصف في المشبه، وذلك يكثر في كلامهم، عن أبي مسلم. وقيل: شبهه بالكلب إذا أخرج لسانه لإيذائه الناس بلهاثه. حملت عليه، أو تركته، يقال لمن آذى الناس بلسانه: فلان أخرج لسانه من الفم مثل الكلب، ولهثه في هذا الموضع: صياحه ونباحه. وقيل: إن هذا مثل للذي يقرأ القرآن فلا يعمل به، عن مجاهد.
(ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا) معناه: ذلك صفة الذين يكذبون بآيات الله، قال ابن عباس: يريد أهل مكة، كانوا يتمنون هاديا يهديهم ويدعوهم إلى طاعة الله، فلما جاءهم من لا يشكون في صدقه، كذبوه فلم يهتدوا لما تركوا، ولم يهتدوا لما دعوا بالرسول والكتاب (فاقصص القصص) أي: فاقصص عليهم أخبار الماضين (لعلهم يتفكرون) فيعتبرون ولا يفعلون مثل فعلهم حتى لا يحل بهم ما حل بهم.
ثم وصف الله تعالى بهذا المثل الذي ضربه وذكره بأنه (ساء مثلا) أي: بئس مثلا (القوم الذين كذبوا بآياتنا) ومعناه بئست الصفة المضروب فيها المثل، أو قبح حال المضروب فيه، لأن المثل حسن، وحكمة، وصواب، وإنما القبيح صفتهم (وأنفسهم كانوا يظلمون) أي: وإنما نقصوا بذلك أنفسهم، ولم ينقصوا شيئا لأن